انشغل الصغير والكبير من البشر بوسائل التواصل الاجتماعي على مختلف برامجها، من وتس أب، فيس بوك، توتير، سناب شات، وانستجرام..الخ وأصبح لا يغيب الواحد منا عنها ساعة أو بعضها حتى يشعر بالحنين لتلك الشبكات، حتى صرنا ننشغل بهواتفنا المحمولة في كل مكان فنرى الأغلبية مطأطئين رؤوسهم في المجالس وفي المطاعم وفي الجامعات وفي السيارات، بل هناك من يحملها معه في دورة المياه! أصبحنا نتحدث مع أشخاص لا تربطنا بهم علاقة ومع ذلك هم يعرفون أخبارنا وتحركاتنا ويشاركوننا أفراحنا وأتراحنا أشخاص من الشرق والغرب وبثقافات مختلفة عن ثقافتنا، يطرح البعض منا عبر وسائل التواصل الاجتماعي برودكاستات عن مواضيع دينية، واجتماعية، تشتمل على المواعظ، والحكم، ونصائح في بر الوالدين وصلة الرحم وتربية الأبناء وعن حقوق الزوجين، وكذلك عن المعلومات والنصائح الطبية، أغلبنا لا يلقي عليها نظرة واحدة مجرد نسخ ولصق كلها للأسف تذهب في مهب الريح. نتج عن هذا التواصل الزائف علاقة وطيدة مع أشخاص غرباء وتترجم هذه العلاقة بكثرة المتابعين مع وجود قواعد وقوانين لتلك المحبة كمثال: ان كنت مخلصاً في المحبة تعمل على إعادة التغريدة أو تضغط لايك على الصورة أو تضع فيسات على البرودكاست حتى لو لم تكن أنت من كتبها وصممها يكفي أنك تنسخ وتلصق وأن كنت ستمدح أو تذم أحد من الناس فعليك بالهشتاق. لكن هذا الزخم في العلاقات الزائفة هي مجرد شخصيات افتراضية لا تسمن ولا تغني من جوع عند الأزمات الحقيقية. أخذتنا هذه العلاقة من الواقع الحقيقي والمحبة الفطرية المتجذرة بلا مصالح، أخذتنا من التواصل الأسري فصار لكل منا عالمه الخاص. مع أي نوعية من البشر يتواصلون ؟ هل يتواصلون مع أقرانهم أم مع أشخاص بالغين يتحرشون بهم جنسياً ويتعلمون منهم مالا ينبغي للأطفال الاطلاع عليه أو معرفته؟ أي أفكار يبثونها ويغرسونها في عقول فلذات اكبادنا؟ أي جماعات تربيهم وتنشئهم لتنفيذ مخططاتهم وتبني معتقداتهم الدينية المنحرفة ووحشيتهم تجاه البشر؟ كم نسبة الذين يشاركون أبناءهم في اختيار الألعاب المناسبة لهم؟ بل كم هم الذين يعرفون نوعية الألعاب التي يلعبها أولادهم؟ لقد سلمنا أبناءنا طواعية لهم يربونهم كيفما يريدون دون تأثير منا عليهم. ربما يقول البعض هذا أسلوب العصر وثقافته ولا أستطيع ان أقف في وجه التيار لوحدي. أو ربما يقول البعض الآخر لا أستطيع أن أمنع أولادي فيصبحون متخلفين عن المجتمع. وآخرون يرون أن لا وقت لديهم لمتابعة استخدام أبنائهم لشبكات التواصل والألعاب الالكترونية لفترات طويلة. بل إن البعض يشجعون أبناءهم لقضاء أوقات طويلة على الأجهزة الالكترونية المختلفة كي يتخلصوا من شغبهم وطاقتهم الطبيعية في مثل سنهم المبكر. أذاً ما الحل؟ هل ندعهم لهم؟ هل نفرط في فلذات أكبادنا وندعهم فريسة سهلة لمن لا يرحمهم ولا يرحمنا؟ إننا في موقف خطير ولا نكون مبالغين إذا قلنا إنها من أصعب مراحل التربية التي تمر على البشر منذ الخليقة الى وقتنا الحاضر. فالحذر الحذر لا تدعونهم لهم ؟ لا ننكر أن هناك إيجابيات لشبكات التواصل، ولكن سلبياتها تؤثر على روابط التواصل مع الأسرة ولها تأثير فكري وتربوي على أبنائنا، لا ندعو لمحاربتها ولكن ينبغي علينا الحرص في توجيه أولادنا عند استخدمها، وتقنين الوقت لذلك حتى لا يتحولون لمدمنين لها فينعكس ذلك على صحتهم النفسية والجسدية. علينا أن نستغل اندفاع أولادنا نحو شبكات التواصل بتوجيههم لاستثمارها بطريقة تخدم تعلمهم ومعرفتهم، ورفاهيتهم ويكون تحت إشرافنا وليكن من أهم أولوياتنا محاربة عزلة الأبناء أثناء استخدام شبكات التواصل، وأن نهتم أشد الاهتمام بمشاركتهم في اختيار الألعاب التي يلعبونها بواسطة الانترنت ولا بأس بمشاركتهم اللعب لمعرفة الخلفية الثقافية التي تتبناها تلك الألعاب، وعلينا أن نعتاد على حوارات مستمرة معهم عند اجتماع الأسرة، ومناقشة كل ما اطلع عليه الأبناء وتعلموه وشاهدوه. إن تواصل الأبناء المباشر مع الاسرة يفصح عن أفكارهم وتوجهاتهم التي ربما تحتاج إلى توعية وتثقيف، ولابد من مساحة خاصة مع الأسرة خالية من أي شبكات تواصل، تسهم في تقوية الروابط الأسرية كعطلة نهاية الأسبوع وتستغل بأنشطة مختلفة ومتنوعة تركز على الترفيه والألعاب المشتركة. ولنتذكر ان تربية الأبناء ورعايتهم أمانة والحرص والعمل على تعليمهم وحسن تربيتهم واجب وأننا محاسبون على التهاون والتقصير.