كنا نعتقد بالأمس القريب أن البنكرياس تلقائي الضخ بعيد المنال حيث ذكرت العديد من الأبحاث العلمية أن البنكرياس تلقائي الضخ سيكون في متناول اليد بعد عدة سنوات، إلا أن بعض الشركات المهتمة في هذا الأمر أوضحت أن توفر مضخات إنسولين تلقائية الضخ قد يكون في العام القادم أي في عام 2017 ميلادية وليس بعد عدة سنوات كما هو كان معتقداً في السابق. وفي هذه المقالة سنتحدث عن التجارب الحديثة التي تقوم بها كبرى الشركات المصنعة للبنكرياس التلقائي، وسنتحدث عن التجارب العلمية التي تقوم بها الجهات الصحية المهتمة بهذه التقنية الحديثة. * ما آلية عمل البنكرياس الطبيعي؟ * يجب التنبه إلى أن البنكرياس الطبيعي لديه القدرة على ضخ الإنسولين بشكل تلقائي حيث أنه في حالة ارتفاع مستوى السكر في الدم أو في الواقع قبل ارتفاعه في الدم يقوم البنكرياس الطبيعي بضخ الإنسولين للحفاظ على السكر في مستوياته الطبيعية، وهي أقل من مئة مليجرام في الديسلتر في حالة الصيام وأقل من 140 مليجراماً في الديسلتر في حالة الإفطار. وبالتالي يكون معدل السكر التراكمي في حدوده الطبيعية وهي أقل من خمسة في المئة وهذا لدى الشخص الطبيعي غير المصاب بمرض السكري. كما أن البنكرياس الطبيعي يتوقف عن الضخ في حالة انخفاض السكر أو في حالة تراجع مستويات السكر للأسفل وبالتالي يكون مستوى السكر في مستويات محكمة طبيعية. * ما البنكرياس تلقائي الضخ؟ * البنكرياس تلقائي الضخ هو في الواقع مضخة إنسولين لديها القدرة على ضخ الإنسولين بصفة تلقائية والتعامل المستمر مع مستويات السكر المختلفة. فكلما ارتفع مستوى السكر أو انخفض وكلما تدنى قدره أو علا زادت مضخة الإنسولين في ضخها أو تناقصت حسب حاجة الجسم. فلم يعد مريض السكري بهذا الاختراع الجديد ملزماً بتحليل السكر المتكرر وليس هو أيضاً ملزماً بحساب الطعام كلما أراد أن يتناوله كما هو الحال الآن مع مرضى السكري المستخدمين للمضخات المعتادة المتوفرة في مستشفياتنا. *ما أنواع البنكرياس تلقائي الضخ؟ * هناك في الواقع نوعان من البنكرياس تلقائي الضخ. الأول المعتمد على ضخ الإنسولين فقط والثاني المعتمد على ضخ الإنسولين والجلوكاجون أيضا. النوع الأول وهو البنكرياس تلقائي الضخ والذي يضخ هرمون الإنسولين وهرمون الجلوكاجون. فكما ذكرنا سابقا أنه استطاعت جامعة هارفارد الشهيرة تصنيع مضخة إنسولين مزدوجة، تقوم بضخ هرمون الإنسولين وأيضا ضخ هرمون الكلوكاجون معا. فتقوم المضخة بضخ هرمون الإنسولين على مدار الساعة ويمكن تغيير مقدار الضخ على حسب حاجة الجسم ومستوى السكر في الدم. ترتبط المضخة بجهاز يقوم بتحليل السكر المستمر وبالتالي إذا ارتفع السكر يزيد ضخ هرمون الإنسولين وإذا انخفض مستوى السكر في الدم يقل ضخ هرمون الإنسولين. ولكن الجديد في هذه المضخة المزدوجة انه إذا انخفض مستوى السكر في الدم تضخ هذه المضخة الجديدة هرمون الجلوكاجون أيضا وبكميات بسيطة إلى جانب نقص ضخ هرمون الإنسولين. إن الضخ المزدوج لهرموني الإنسولين والكلوكاجون يقلل من تذبذب مستوى السكر في الدم وهي الشكوى التي يعاني منها الكثير من مرضى السكري وخاصة الأطفال منهم. وقد ذكرت مؤخرا جامعة هارفارد أن هذه المضخة ستكون قريبا في متناول الجميع وأشار الدكتور روسل والذي كان متواجدا في المملكة العربية السعودية العام الماضي أنه ستكون هذه التقنية في متناول الجميع العام القادم بدلا من عام 2019 ميلادية. والنوع الثاني هو البنكرياس تلقائي الضخ والذي يضخ فقط هرمون الإنسولين والتي سنتحدث بعد قليل عن وجهة نظر الشركات المطورة لهذة التقنية. *لماذا في عام 2017 وليس في عام 2019 ميلادية؟ * ذكرت ونشرت العديد من الشركات المهتمة بالبنكرياس تلقائي الضخ دراساتها بأن البنكرياس تلقائي الضخ سيكون في عام 2017 ميلادية أي مبكراً عما كان معتقداً بسنتين. وقد يكون هذا الأمر بسبب تجارب الحلم الناجحة والتي قد تطرقنا لها من قبل ونود هنا ان نذكرها سريعا قبل أن نذكر إعلان الشركات المصنعة للبنكرياس تلقائي الضخ. فكما ذكرنا سابقا أن المجلة الأميركية الشهيرة (نيو إنجلاند) في نهاية شهر نوفمبر الماضي نشرت أول تجربة من نوعها عن البنكرياس تلقائي الضخ واستخدامه في مرضى السكري النوع الأول المستخدمين للإنسولين ولمدة ثلاثة أشهر متتالية مستغنين بذلك عن حقن الإنسولين. سميت هذه التجربة لأهميتها البالغة باسم (الحلم)، لكونها بالفعل حلم كل مريض سكري أن يتخلص من حقن الإنسولين. وتجربة الحلم في الواقع ليست هي تجربة منعزلة عن تجارب عدة متعاقبة ناجحة سابقة. فقد سبقت هذه التجربة خمس تجارب (حلم) سابقة. حيث بدأت تجربة الحلم الأولى قبل خمس سنوات تقريبا وكانت تجربة الحلم الأولى مجرد حلم فقط. فكانت الفكرة أن يكون هناك جهاز يضخ الإنسولين على مدار الساعة ويشبه بذلك البنكرياس الطبيعي في الإنسان الطبيعي. ليس ذلك فقط، بل لابد لهذا الجهاز شيء من القدرة على ضخ الإنسولين بصورة تلقائية وبصورة أكبر في حالة تناول الشخص كميات أكل إضافية. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل لابد لهذا الجهاز القدرة على حساب مستوى السكر في الدم بصفة مستمرة وابلاغ جهاز البنكرياس تلقائي الضخ بهذه المستويات حتى يتحكم في ضخ الإنسولين على ضوء هذه القراءات. إن هذا النجاح دفع القائمين على هذه التجارب بالاسراع في طرح البنكرياس تلقائي الضخ في عام 2017 ميلادية بدلا من عام 2019 ميلادية ونحن ننتظر هذا الطرح وهذا التوقع. *ما هي المضخات القابلة للتحول لبنكرياس تلقائي: * طرحت شركتان أميركيتان مضختين للإنسولين جديدتين لديهما القدرة على توقع انخفاض السكر ويمكن تسمية هذا النوع من المضخات باسم المضخة متوقعة الانخفاض والتي لديها القدرة على التوقف عن الضخ في حالة انخفاض السكر. ولديها أيضا القدرة على خفض الجرعة المستمرة في حالة انخفاض السكر. لا أود هنا في هذه المقالة ذكر اسم الشركات المصنعة لهذا النوع من المضخات إلا أن المطلع على تجارب البنكرياس تلقائي الضخ لا شك أنه يتعرف عليها وعلى تقنيتها الحديثة. والجميل في الأمر أن هذه الشركات المصنعة تتوقع موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية عليها خلال سنة واحدة أي أن المتوقع في عام 2017 ميلادية وهو موعد قريب جدا وليس كما هو كان متوقعاً من قبل. المضخة التلقائية الأولى يمكننا تسميتها 670G وهي تتمتع بتطبيق خاص يمكنها بواسطته ضخ الإنسولين وأيضاً تحليل السكر المستمر وبدون الرجوع للمريض. ويتوقع القائمون على هذه المضخة طرحها في عام 2017 ميلادية. وقد تم التقديم على إدراة الدواء والغذاء الأميركية عليها هذا الشهر وهو شهر يونيو 2016 ميلادية وننتظر الموافقة عليها والتسويق لها وتجربتها ما بعد التسويق، وكذلك أيضا السعر، وهل ستكون في متناول الجميع أو البعض حتى، ولكن بلا شك هي خطوة جبارة في الاتجاه الصحيح. المضخة الثانية أو البنكرياس التلقائي الثاني هو أيضا من شركة معروفة تسوق منتجاتها في السوق السعودي منذ زمن ليس بالبعيد إلا أنها في طور طرح البنكرياس التلقائي أيضاً قريباً في عام 2017 ميلادية. قامت هذه الشركة بتطوير بنكرياس تلقائي لديه القدرة على خفض الضخ المستمر للمضخة في حالة انخفاض سكر الدم وليس مجرد توقف الضخ. وتعمل بذلك المضخة أو هذا البنكرياس التلقائي على تقليل حالات انخفاض السكر وحالات ارتفاع السكر. الجميل في الأمر أن هناك شركات أخرى لا أود تسميتها وهي من جيل المضخات اللاصقة تقوم بنفس الأمر وهو العمل على إنتاج بنكرياس تلقائي يقوم بتحليل السكر وضخ الإنسولين عبر المضخة اللاصقة والتي كنا ننظر لها ان مضخات بدائية، إلا أن هذا التطور أثبت العكس. ويتوقع لهذه المضخة أيضا طرح منتجها الجديد في نهاية 2017 ميلادية. هذه الدراسات وهذه التصريحات من الشركات المصنعة للبنكرياس التلقائي ومثيلاتها تفتح الباب على مصراعيه لتقنية ما يعرف بالبنكرياس الصناعي المتكامل والقادر على ضخ الإنسولين وتحليل السكر بصورة تلقائية محكمة. هذه التقنية على حسب القائمين على هذا المشروع ستكون في متناول اليد في نهاية عام 2017 ميلادية ونأمل ان يكون الأمر قبل ذلك. مازالت عملية ضخ الإنسولين مع الوجبات عملية معقدة وقد يصعب تقليدها فتكون كالضخ الطبيعي للإنسولين البشري.. الأبحاث والدراسات تعمل من أجل الحصول على بدائل للأدوية الحالية يجب المحافظة على مستوى السكر بالفحص المستمر