القبيله هي جماعة من الناس تنتمي في الغالب إلى نسب واحد يرجع إلى جد أعلى أو اسم قبلي يعتبر بمثابة جد، وتنتشر القبائل في كل قارات العالم، منها ما اندثر كما هو الحال مع بعض القبائل الأوروبية مثل الجرمانيين ومنها ما كاد يندثر مثل قبائل الهنود الحمر في أمريكا الشمالية والجنوبية، ومنها ما ذاب في المجتمعات الحضرية المتاخمة كما هو الحال مع بعض قبائل جنوبي غربي آسياء. وفي الجزيرة العربية فقد تشكلت القبيلة منذ عصور ما قبل الاسلام، واستمرت بتوثيق نسبها والحفاظ على عاداتها وتقاليدها إلى عصرنا الحاضر، وليس موضوعنا هنا البحث التاريخي في توثيق بداية القبيلة، حيث يعلم ذلك جيداً المؤرخون والمتخصصون في علم الأنثروبولوجيا. أما في مجتمعنا السعودي فهو كغيره من المجتمعات العربية تعد القبيلة مكوناً اجتماعياً رئيساً يحمل موروثاً تاريخياً ونمطاً حياتياً منظماً الى حد ما تتعايش على أساسه كل قبيلة فيما بينها إلا انه كان يحمل بعضاً من التنافر والتصادم مع سلوك وعادات القبائل الاخرى بسبب ظروف العيش والصراع على البقاء، وهذا ما نشر كثيراً من الفوضى وعدم الأمن في ربوع الجزيرة العربية إلى أن جاء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل يرحمه الله واستطاع بحنكته وتوفيق رب العالمين أن يؤسس هذا الكيان العظيم وأن يصهر جميع قبائل الجزيرة المختلفه من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها في مكون واحد وهو مكون "الوطن" وجعلها تتعايش فيما بينها بل وتتعايش مع المكونات الحضرية الاخرى تحت ظل قيادة موحدة. ما دعاني للحديث في هذا الموضوع هو توقيت المرحلة الخطيرة الحالية التي نعيشها وما يتربص به الأعداء من حولنا في النيل من شبابنا والتغرير بهم من خلال مداعبة مشاعرهم بالفكر الجهادي، وتحليل خروجهم عن طاعة ولي الأمر الى أن تحولوا الى أدوات لا تمتلك قرارها بالتفكير والعقل والمنطق. فعلى سبيل المثال عندما فجر الإرهابي نفسه في الحرم النبوي وراح ضحيته أربعة من رجال أمننا البواسل الذين يحرسون ضيوف الرحمن في الشهر الفضيل ونحسبهم شهداء عن ربهم إن شاء لله نشر في حينها على مواقع الانترنت إن من قام بتفجير نفسه هو عمر العتيبي وهو ابن عم جهيمان العتيبي الذي قاد عملية حادثة الحرم المكي عام 1400 هجري واتضح اخيراً بعدما أعلنت وزارة الداخلية اسماء المتورطين أن هذا الشخص ليس إلا أحد جنودنا المرابطين على الحد الجنوبي وقد أعلن ذلك والده في اليوتيوب وتبرأ من التهمه التي الصقت بابنه. إن هذا الربط الغبي يكشف لنا حقيقة أن أعداءنا لا يتورعون عن استخدام أي وسيلة مهما قلت أهميتها لزعزعة أمن بلادنا، ولا يعلم هؤلاء الحاقدون إن جميع السعوديين الذين قاموا بأعمال إرهابية وينتسبون لقبائل كانوا مطرودين بالأصل من قبائلهم ومن ذويهم علاوة على خروجهم عن طاعة ولي الأمر وانسلاخهم عن هويتهم الوطنية ولا اذكر شخصياً أن قبيلة سعودية واحدة قد أقرت بشكل متفق ومنسق لأي سلوك خارج عن طاعة ولي الأمر منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله. إلا أن ذلك لا يعني أن نغفل عن كل الاحتمالات مهما صغرت في سبيل قطع الطريق على كل محرض لكي ننعم بوطن قوي ومتماسك تحت ظل قيادة موحدة واسرة حاكمة واحدة ولا ندع لأي برامج مستوردة تتدعي الإصلاح لا تنسجم ومكوننا الاجتماعي أن تفرض علينا نعود بعدها لا سمح الله لنقطة الصفر. لذا فمن الضرورة إعادة النظر في تعزيز برامج تحصين مجتمعنا من أي خروقات قد تستغل من خلال البسطاء والجهلة من شبابنا سواء من أبناء القبائل أو غيرهم من الذين يعانقون تياراً دينياً أو قبائلياً أو غيرهما من التيارت الفكرية المنحرفة قد تنال من وحدتنا الوطنية.