أعجب كاتب العبقريات الأستاذ عباس محمود العقاد بشخصية الملك عبدالعزيز الفذة. وكتب عنه بعض المقالات التي نشرت بعد ذلك في كتاب بعنوان (ذكريات مع عاهل الجزيرة العربية)، ولعل قصيدته التي ألقاها بين يدي جلالته في عيد جلوسه ما يعبر عن إعجابه، وكان ذلك في 5 صفر 1365ه الموافق 9 يناير1961 م، وهو يركب البحر في طريقه لزيارة مصر.. أذكر منها ما يلي: أسد العرين يخوض غيل الماء يا بحر راضك قاهر الصحراء لم يقترن بالبحر عيد جلوسه إلا لفجر زاخر ورخاء وإذا به عبدالعزيز بطلعة كالبدر بين كواكب الأمراء ثم يقول: ملك أناف على العقول بعزمه وأتم ذاك بما يراه الرائي جمع المهابة في العيون وفي النها وسما بمجد أبوة وإباء ولو أتيحت لأي منّا ما ذكره المؤرخون والرحالة عن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- من نواحي شجاعته وبسالته في الحرب، وإقدامه لتذكرنا ما كان يتميز به الملك عبدالعزيز من حزم وعزم مع عدل وصبر على الشدائد. ومن مقولاته التي حفظها الزمن مقولته الشهيرة: "الحزم أبو العزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات". ولم تكن المعارك العسكرية التي قام بها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- خلال 32 عاماً سوى خيار لابد منه من أجل توحيد البلاد والوقوف ضد الطغيان الذي كانت تشهده شبه الجزيرة العربية، بالاضافة الى الدعوة الصادقة للتوحيد تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله). ولعل فتح الرياض في الخامس من شوال عام 1319 (15 يناير1902م) يمثل اللبنة الأولى في مسيرة التوحيد. ويذكر المؤرخون أن الملك عبدالعزيز عندما انتقل إلى الرفيق الأعلى، كان في جسده ثلاث وأربعون طعنة تشهد بشجاعته وبما قام به من غزوات وحروب لتوحيد شبه الجزيرة العربية في كيان موحد وقوي. كما يذكر المؤرخون أن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- عندما قُتل أخوه سعد، وكان أثيراً عنده، وعزيزاً على قلبه، نزل عن فرسه وأخذ يقبله، فسدد له بعض من يتربص به طلقة غادرة أصابت رصاصات كانت في حزامه، فانفجرت وشقت بطنه بجرح طوله 15 سنتيمتراً، فكتم الأمر عن الناس، وركب متوجهاً إلى الأحساء، ودخل القصر حيث يروي أهل الثقة أن الملك عبد العزيز شكا من ألم في بطنه لازمه ستة شهور، وعندما كشف عليه طبيبه الخاص آنذاك (الدكتور رشاد فرعون) وجد أن هناك رصاصتين تحت الجلد لا بد من استخراجهما. فأحضر المخدر لإجراء عملية عاجلة لاستخراج الرصاصتين فأبى الملك عبدالعزيز، وطلب إبعاد المخدر أو البنج الموضعي، وأمسك المشرط بيده وشق الجلد فوق الرصاصتين، وأمر الطبيب باستخراجهما. هكذا كان الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- تتضاءل أمام شجاعته الأخطار والآلام. لقد تضاءلت أمام شجاعته الصحراء، واقتحم (الرياض) بنفر قليل من رجاله، ليعيد ملك آباءه وأجداده. واستطاع في سنوات قليلة أن يوحّد شبه الجزيرة العربية تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) في مملكة الخير والنماء.. المملكة العربية السعودية. [email protected]