د. زياد بن عابد المشوخي أحداث مؤلمة ومتسارعة يدرك الجميع مدى خطورتها، وخطورة من يخطط لها، والواجب علينا جميعًا ألا نغفل عن مخاطبة فئة الشباب تلك الفئة المستهدفة من قبل من يحيك المؤامرات ضد المملكة لما لها من مكانة وتأثير في العالم الإسلامي، إن خطابات التحريض والتكفير أصبح لها تأثيرها مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي كما أن هنالك العديد من العوامل والأسباب التي أوجدت أرضية خصبة لاستغلال بعض الشباب خاصة في ظل ما تمر به الأمة من مآسي ومؤامرات ومكائد خلفت الكثير من الجراح، فكان الهدف الوهمي المقدم لفئات من الشباب بأن الخلاص من هذه الجراح والويلات يكمن في الثأر والانتقام، وأن استعمال القوة هو أقصر الطرق للخلاص، ولكن أين؟ وكيف؟ ومتى؟ هنا لا داعي للنظر إلى الوسيلة أو الطريقة أو المكان أو الزمان بل حتى المستهدف، أما العواقب والنتائج فلا حاجة لتشغلك عن هدفك؛ لأنك ستكون شهيدًا في الجنان! ينبغي أن يدرك هؤلاء الشباب أن الأمة كلها تتوجع من تلك الجراح، وترغب في نصرة المظلومين، وللوصول إلى تلك الأهداف المعلنة لا بد وجود من وسائل حقيقية تؤدي إليها، بينما نجد أن الوسائل التي تستخدمها تلك الجماعات التكفيرية لا تؤدي إلى تلك الأهداف بل هي تؤدي إلى ضدها وتقضي على ما تبقى للأمة من قوة، ناهيك عن استخدامها لوسائل محرمة للوصول إلى تلك الأهداف المزعومة والمتوهمة من قبل تلك الجماعات التكفيرية. ربما كانت البداية الغيرة على دين الله عز وجل، ثم إذ بهم ينتقلون إلى تكفير المسلمين لكي تستباح الدماء، ولو في المساجد أو الحرم! وكأنها غدت عقيدة الغفران لدى النصارى التي يستبيحون بها فعل كل شيء! لقد جاء الوعيد شديداً في قتل المسلم قال تعالى:{ومن يقتل مؤمنا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا. إن الإنسان لا يزال معرضًا لرحمة الله ولمغفرته ما دام بعيدًا عن أن يصيب دمًا حرامًا - كما في البخاري: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينهِ ما لم يصب دمًا حراماً". من يملك إخراج هؤلاء من الملة، قال صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا؛ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ"، كل مسلم نطق الشهادة واستقبل الكعبة ولو كان من أهل الأهواء، ولو كان من أهل المعاصي، ما لم يستحل الحرام المجمع عليه، حرم دمه وليس لنا إلا الظاهر. لنغرس في نفوس الشباب الثقة بالعلماء الراسخين في العلم وبمن ينافح عن قضايا الأمة ويبذل جهده في دعمها وخدمتها، أما أن تترك آراء كل العلماء ويأخذ برأي شخص لا يعرف على الحقيقة ولا يعلم حاله، ولا من جنده، ولا يعلم حقيقة أهدافه وإن زعم ما زعم، ومن يمكنه أن يتحمل ذلك المشهد العظيم إن أصاب دما حراما. ينبغي أن يعلم أن الدماء هي أول شيء يقضى فيه بين العباد قال صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء". لقد أمر الله المجاهدين في سبيله أن يتبينوا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا...، هذه الآية خاطبت الصحابة رضوان الله عليهم في حال قتال المشركين، إن نطق أحدهم بالشهادة – ولو خشية القتل - فقد عصم دمه وحرم قتله لشبهة الإسلام. بل حتى الكافر المسالم حرم دمه، فكيف بالمعاهد، كما في الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ". ولقد جاء الوعيد في قتل النفس وهو لوحده من كبائر الذنوب، فكيف إذا اجتمع معه قتل الأنفس البريئة، قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً. إن نصرة الأمة لا يكون بمجرد القتل والترويع، ولنعلم الشباب المتحمس أنه يسعه ما يسع الناس من طرق نصرة الأمة، وأن قناعاته ونظرته للأمور والحياة التي تغيرت منذ سنوات سوف تتغير بعد سنوات، وعلينا أن نحثهم على إعمال العقل والتفكر والتأمل بعيدًا عن ضغوط الواقع، وعليهم دائماً مراجعة الهدف والوسيلة، وأن يقطعوا أنفسهم عن وسائل تلقي الشبهات، وأن الرجوع عن الخطأ خير من التمادي فيه، اللهم احفظ شبابنا، ورد كيد الأعداء في نحورهم، واحفظ أمننا.