يخطئ من يعتقد أن "فيس بوك" مجرد شبكة اجتماعية، من أجل التواصل الإلكتروني التقليدي، وبث المنشورات باختلافها، قد يكون كذلك في بداياته، لكنه لم يعد كذلك إطلاقا.. ويمكن أن أختصره بأنه الموقع الذي يسعى لأن تكون محور المحتوى الرقمي، ومنصة توجيه الرأي، ومصدر البيانات والمعلومات السرية والاستخبارية. ما الذي يدعوني للحديث بهذا؟ خلال أسبوع، وبالإضافة لما أعلن سابقا، أزاحت "فيس بوك" الستار عن حزمة خدمات مهمة، كفيلة بمضايقة وسائل أخرى، بعدما تجاوزت المنافسين، وأعني بذلك أنها قررت أن تنافس المؤسسات الإعلامية التلفزيونية، وهي التي ضايقت الصحف سابقا، عبر خدمات مختلفة منها النشر المباشر للمقالات.. المهم، وهو مربط "التقنية"، أطلقت " فيس بوك" ميزة البث المباشر في عام 2016، كطريقة تسمح لمستخدميه بمشاركة المزيد، ثم أعلنت الشركة قواعد جديدة لكيفية استخدام خدمة "البث المباشر"، على موقع التواصل الاجتماعي، وذلك عقب أسبوع من استخدام تلك الخدمة، في عملية بث مباشر لعمليات إطلاق نار عديدة، كان آخرها ما حدث في الولاياتالمتحدة الأميركية. وهو الأمر الذي سيغير من ملامح الصناعة التلفزيونية كثيرا. بالتوازي، أعلنت الشركة أنها تختبر الآن خاصية جديدة تمكن مستخدمي تطبيق "فيسبوك ماسنجر" من تبادل المحادثات السرية، حيث ستختفي بعد فترة معينة من الزمن يحددها الشخص الذي يكتب الرسالة، ويتعين على المرسل أن يختار جهازا واحدا فقط لاستخدام هذه الخاصية، إذ أن الرسائل المرسلة بهذه الطريقة تخزن على الجهاز نفسه. وقالت إن "بدء محادثة سرية مع شخص ما، هو أمر اختياري". وأضافت: "المحادثات السرية لا يمكن أن تقرأ إلا على جهاز واحد فقط، ونحن ندرك أن التجربة قد لا تكون مناسبة للجميع." ورغم أن "فيس بوك" قالت إن القضايا المالية والصحية قد تكون مثالا على الرسائل التي قد يرغب الناس في إحاطتها بمزيد من السرية، في حين ذكر آخرون الأمور العاطفية مثالاً على ذلك، إلا أنني أعتقد بأن الإرهابيين سيجدونها ملجأ لأفكارهم وتواصلهم، كما فعلوا مع "تيلجرام" وغيره! الحديث عن "فيس بوك"، يجب ألا يتجاوز الإشارة إلى خاصية safety check أو الأمان، والتي تختصر على أجهزة المخابرات العالمية جمع المعلومات، وكذلك المراقبة والملاحقة لأي مستخدم، وهي ما ستدعم رؤية عدم اختزال الموقع بشبكة اجتماعية، حتى وإن جاءت بذريعة الاطمئنان. ليس ذلك وحسب، وحول هذا الموقع، أو هذه الشركة، الكثير من الحديث والرؤى، سنمر عليه لاحقاً، ولكن السؤال: هل سنشهد هجرة مضادة ل"فيس بوك" من قبل السعوديين؟! المستقبل كفيل بالإجابة.. دوماً. والسلام.