أكتبكم في العيد: بمداد الصدق في مشاعر أم وأب يبحثان عن تفاصيل الفرح في ملامح أطفالهما، عن صور الماضي وعربداته، عن مراجيح الأطفال، وعذوبة أحلام الصبايا، عن مدينة يسكنها العشاق، ومقهى لا يجمع إلا اثنين ووردة وكوب قهوة يشتعل بحرارة اللقاء، عن حلوى القطن التي تتعاظم كما أحلامنا وفجأة تهبط من علو، ماذا عساي أن أكتب لكم في العيد: عن مشاعر لا تقبل التأويل، عن الاختلال في نص الحياة، عن أوراق صحفنا البيضاء والسوداء، عن يمامة في الجوار تكتب قصيدة عن الحرية، عن أطفال الشام وعيديتهم المليئة بالدم، عني التي تغيرت كثيرا وماعدت أرتمي على سريري لأبكي رجلاً غادرني بهمس، عن العصافير التي مازالت تشرب الماء عند نوافذ بيتي، عن نساء يتجملن لاستقبال العيد وقلوبهن مجروحة، عن صداقات لا تنجب الا الخيبات، عن فيلسوف هجر وقاره وسار مع القطيع، عن الذين رحلوا بلا إشارة للوداع ولم يعودوا حتى الآن. عن شاب صغير يفجر نفسه بحثاً عن حورية عطشى تنظره. عن غسيل العقول، وسرقة الآثار، وبيعها في مزاد علني يمحو التاريخ. عن السعادة التي تحولت إلى أسطورة في عالمنا العربي، فكيف تكون إنساناً سعيداً؟ أن تكون سعيدا معناه أن تعلن الرفض لكل سبب يؤدي إلى الاكتئاب والحزن، حالة السعادة هي حالة عقلية تبدو غيوم العقل وهي تختلط بوجه الروح فيتحول لونها إلى لون الزمرد الأخضر بغنائية متتالية لها شكل الزهر ورائحة العنبر، فتصالح النجوم وتقبل القمر على جبينه، فتصبح سيمائياً، فكل ما تلمسه يداك يتحول إلى معدن نفيس من الجمال. إن أثمن ما يمتلكه الإنسان هو روحه وعندما تهجر هذه الروح الراحة والسعادة يتحول عندها إلى إنسان آخر يحمل الجمود وتعلو وجهه صفرة الموات كمومياء، ومن يلاحظ مجتمعاتنا العربية يجد ملامح تعلوها تجاعيد الهم التي تخط جبينها العاقد الحاجبين، ولا يمكن أن نلوم أنفسنا فكل ما حولنا ينبئ عن حالة من الكآبة، فالسعادة لا تتحقق فقط بالسعي الحثيث للبحث عنها، بل بالأسباب التي تدفع إليها وتحيط بها، ولن نشعر بالاطمئنان ونحن محاطون بالرعب والدم والتشرد والتهديد، ولن تندمل جروحنا ومساجدنا أطهر بقاع الأرض تُستهدف بكل صفاقة، ولن نشعر بالأمان والسعادة وإحساسنا اننا لا زلنا مستهدفين، وربما انطلاقاً من طموح واسع وتفاؤل كبير أرى أنفسنا الآن أكثر وعياً بما يحيط بنا، وكل عام والقراء بخير، وجرح وطني بخير. [email protected]