مرة أخرى يعود الحقد الأسود ليضرب داخل المملكة ويقترب من الحرم النبوي الشريف في انتهاك صارخ للمقدسات التي لم يجرؤ حتى الكافرون على مر العصور من الاقتراب منها أو تدنيسها. وأيًا كان من قام بهذه الجرائم التي حدثت في القطيفوجدة والمدينة المنورة، فإنهم أشخاص مسلوبو الإرادة ومنعدمو الضمير ومارقون من الإسلام. لقد أخذت المملكة مكانها القيادي والريادي في المنطقة واصطدمت حتى مع أقرب الحلفاء والأصدقاء واختلفت معهم في الرؤى والسياسات ورفضت الوصاية والإملاءات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية. وقد حققت قيادة المملكة نجاحات ملموسة وبخاصة في مواجهة التمدد الفارسي قي اليمن وسورية والعراق، سواء مباشرة أو عبر أدوات محلية طائفية فجاءت هذه التفجيرات ومن يقف وراءها، ضمن المخططات المعادية التي تستهدف المملكة وقيادتها وأمن مواطنيها. وذلك، ليس بمستغرب أن يستهدف المخربون والمتآمرون أمن المملكة في محاولة بائسة لضرب قرارها السياسي المستقل.. التحليلات الكثيرة التي تناولت هذه الأعمال الإجرامية، ركزت على اتهام ما يسمى بتنظيم "داعش" بالوقوف وراءها. لكن ما يدعو للاستغراب هو تنوع الأماكن المستهدفة (حسينيات، قنصلية أميركية والمدينة المنورة)، وهذا ما يجعلنا نتساءل إن كان هذا التنظيم هو من قام بهذه الجرائم؟ ونأمل أن تتوصل التحقيقات إلى معرفة هوية من قام بها، ومن ثم معرفة خلفيته الفكرية والعقائدية. من المعروف أن "داعش" علامة تجارية ليست عصية على التزييف لأن ملكيتها الفكرية تتوزع بين عدّة دول وجهات ومخابرات، وهي في سورية ليست "داعش" العراق ولا "داعش" ليبيا. صحيح أن أحد بيانات هذا التنظيم صنّف المملكة في العام 2014 ضمن معسكر الأعداء، إلا أن توقيت هذه العمليات يدعو للغرابة لأنه مشغول في حربه في العراق وسورية، لذلك فإن استهداف المملكة في هذا الوقت بالذات لن يخفف الضغوطات والهزائم العسكرية التي يتعرض لها هذا التنظيم، فما الهدف إذًا؟ يعرف تنظيم ّداعش" بكل تأكيد أنه لن يهزم المملكة بهذه العمليات الحقيرة، ولكنه بالتأكيد يخدم المخططات الفارسية، لذلك فإن شبهات كثيرة تدور حول الجهات المخططة لهذا العمل الإجرامي. إننا لا نشك في أن من خطط لهذه المؤامرة وجعلها بهذه التشكيلة للفت الأنظار بعيدًا عن الجهات الحقيقية وراءها. أما أدوات التنفيذ فمن السهل العثور على جهلاء وتضليلهم ووعدهم بدخول الجنة والفوز بالحور العين. وهؤلاء موجودون في كل مكان. ألم يكن هناك من يصدر مفاتيح الجنة لمن كانوا يقاتلون ضد العراق ويموتون في حرب الثماني سنوات. ما حدث قريبًا من قبر الرسول هز ضمير كل المسلمين في العالم، فمع أنه ليس من المستغرب أن نرى الإرهاب ومن يقف وراءه يضرب المدنيين الآمنين من مسلمين وغيرهم، إلا أن أحدًا لم يتوقع أبدًا أن تصل بهم الحقارة إلى المس بقدسية الحرم النبوي الشريف وفي شهر رمضان. ما العمل؟ على كل واحد فينا من موقعه أن يسأل نفسه: ما الذي يمكنني أن أقدّمه لهذا الوطن؟ إن ما جرى قد يتكرر هنا وفي أي مكان في العالم، ويمكن أن يسقط أحدنا أو بعض من نحب ضحايا لمثل هذه العمليات الإجرامية، فهل نظل متفرجين وسلبيين. ماذا يمكنني أن أفعل؟ سؤال يجب أن يسأله كل مواطن لنفسه، ذكراً كان أم أنثى، فقد أصبحت القضية مسألة حياة أو موت، لذلك يجب علينا العمل على منع يد الخراب والموت من أن تمتد إلينا وأن لا ننتظر حتى تسلبنا نعمة الحياة والأمن. أما أنت يا نبيّ الله فإننا نبرأ إليك منهم فإنهم جاهلون! [email protected]