إن الباحث عن الفرص الاستثمارية والتجارية في دولة ما، عادة ما يبدأ بحثه بمقومات الاستثمار في تلك الدولة، ولعل أبرز هذه المقومات هي البنية التحتية الحديثة للقطاعات الصناعية والزراعية والمشروعات والحركة التجارية، وكذلك الحوافز الاستثمارية وطبيعة الدعم المتاح للمستثمرين، بالإضافة إلى الثروة البشرية وإنتاجية العنصر البشري داخل عناصر الإنتاج. والناظر إلى المملكة العربية السعودية يجد أنها تحظى بتلك المقومات الأساسية للاستثمار؛ إذ قامت المملكة خلال العقود السابقة بالاستثمار بشكل مركز في مشاريع البنى التحتية؛ فقد أنشأت الطرق المعبدة والسكك الحديدية والمطارات والموانئ، كما أنفقت بسخاء على قطاع الاتصالات وشبكات توزيع الكهرباء والمياه والمستشفيات والجامعات والمدارس؛ وأصبحت بذلك توفر للمستثمرين بنية تحتية أساسية ذات سعة وجودة عاليتين تساعد على قيام الأعمال ونموها بشكل سريع. كما تتميز المملكة بنموها الاقتصادي السريع وبيئتها الملائمة للمشاريع والاستثمارات فضلاً عن اهتمامها الكبير بالتجارة؛ كما تتمتع المملكة بمزايا استراتيجية عديدة جعلتها الوجهة الأفضل للاستثمارات طويلة الأمد؛ إذ تمثل مساحة المملكة أربعة أخماس مساحة شبه الجزيرة العربية، فبالإضافة إلى استقرارها السياسي والاقتصادي فإنها تعد الأولى في حجم الصادرات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والسادسة عشرة عالمياً في هذا المجال، إذ توفر إمكانية الوصول السهل إلى 400 مليون مستهلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أن الثروة البشرية في المملكة ترتكز على أسس متينة نشأت من نظام التعليم العام القوي الذي يعتمد على شبكة شاملة وواسعة من مؤسسات للتعليم والتدريب المهني والتقني. إن أغلب إن لم تكن كل الدول تواجه بعض التحديات والمعوقات التي تتعلق بالاستثمار؛ وتتفاوت وتختلف من حيث طبيعتها وحجمها؛ فالمعوقات التي تعترض الاستثمار بالمملكة كثيرة، يتلخص أهمها في عدم مواكبة الأنظمة والقوانين المحلية ذات العلاقة بالمستثمرين للتطورات الدولية في مجال جذب الاستثمارات؛ وكذلك ضعف توافر المعلومات الكافية حول الفرص الاستثمارية المتاحة ودرجة مخاطرها، وقلة الدراسات والأبحاث التي توضح جدوى الاستثمار؛ ومن المعوقات أيضاً الروتين والتعقيد في بعض الإجراءات الحكومية التي يواجهها المستثمرون. وغيرها من المعوقات والتحديات الاستثمارية. ومن المتوقع أن تنخفض المعوقات والتحديات الاستثمارية والتجارية بشكل كبير في ظل الرؤية المستقبلية للمملكة 2030م؛ إذ إن مرتكزات ومحاور وأهداف الرؤية ترتكز على نمو الاستثمار في كافة القطاعات غير النفطية بجانب توسع الحركة التجارية، ومن الصعب أن تتحقق أهداف الرؤية في ظل معوقات وتحديات الاستثمار الحالية؛ وبالتالي يتوقع أن يأتي برنامج التحول الوطني بنتائج مثمرة تذلل تلك التحديات؛ مثل ظهور اتفاقيات بين الهيئة العامة للاستثمار والجهات الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار لتحسين المناخ العام للاستثمار وتشجيعه واكتشاف الفرص الاستثمارية ودعم الاستثمار فيها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن من بين محاور الرؤية المستقبلية للمملكة قد تمت الإشارة إلى موضوع تنمية الفرص الاستثمارية؛ وذلك ببناء اقتصاد يمنح الفرص للجميع رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً لكي يسهموا بأفضل ما لديهم من قدرات؛ وأشارت أيضاً لتعظيم القدرة الاستثمارية وتخصيص الخدمات الحكومية، واعتبرته أحد أساليب تنمية الفرص الاستثمارية، ويفسر ذلك بفتح الحكومة السعودية لأبواب الاستثمار للقطاع الخاص بهدف تشجيع الابتكار والمنافسة وإزالة العوائق التي تواجهه. وأخيراً لا يفوتنا أن نؤكد دور الغرف التجارية الصناعية في هذا الجانب بتوفير الفرص الاستثمارية للمستثمرين ورواد الأعمال بكافة القطاعات من خلال إعداد الدراسات وطرحها على المستثمرين، والعمل على تسهيل إجراءات الدخول في الاستثمارات الوطنية الجديدة مع الاهتمام بالفرص التي تتماشى وتتسق مع أهداف رؤية المملكة المستقبلية 2030م.