أكد إمام وخطيب جامع الغزي في الرياض الشيخ أحمد بن صالح الطويان بأن الطريق في اصلاح الأخطاء يكون بالنصيحة والدعاء والصبر والرفق واللين لا بالتشهير وتصيد الأخطاء واتهام النيات أو برفع السلاح، وتحريض الناس على الفوضى وخلخلة الأمن. وقال في حديث ل «الرياض» إن كثيراً من الحوادث والوقائع تؤكد ان الخروج وإثارة الفتن تولد شروراً عظيمة أكثر مما قصد الإنكار عليه وأغلب من فعل ذلك وصل إلى شرور كثيرة. وأوضح بأن دعاة الإفساد من السفهاء لا يقر لهم قرار حتى يقتل الأخ أخاه ويتفرق المجتمع ويتقطع وتعطل الجمع والجماعات. وقال إن الأمن والاستقرار والطمأنينة من نعم الله التي ينعم بها على عباده هي نعمة يستظل بها المسلمون من حر الفتن والهرج وتحفظ الدماء والأعراض وتنشر الخير. وفي ظل الأمن الذي أنعم الله به على عباده تقام الجمع والجماعات وتعمر المساجد وينادى بالآذان ويحج البيت الحرام ويعتمر، وتقام الحدود ويحكم بالكتاب والسنة، وتأمن السبل ويأمن الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وترد المظالم ويردع الظالم وتقام شعائر الله، ويطلب العلم ويحفظ القرآن والسنة ويقام الأمر بالمعروف وينهي عن المنكر. ويصلح أمر المعاش وتنفق الأموال في الصدقات وفي سبيل الله. وأضاف: فحاجة الناس إلى الأمن أشد من حاجتهم للطعام والشراب.. بل لا يهنؤوا بالطعام والشراب إلا بهذه النعمة، ولا يستقيم الأمن إلا بإمام ودولة يحفظ الله به الأمة، من الشرور والفتن والفوضى. قال شيخ الإسلام: «يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولابد عند الاجتماع من رأس قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إذا خرج ثلاثة في نفر فليؤمروا أحدهم» فأوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيهاً بذلك على سائر أنواع الاجتماع ولأن الله أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإمامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة وإمارة ولذلك روي ان السلطان ظل الله في الأرض ويقال ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان والتجربة تبين ذلك»... إلى ان قال رحمه الله: «فالواجب اتخاذ الإمارة ديناً وقربة يتقرب بها إلى الله فإن التقرب إلى الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة والمال بها». وقد أوجب الله السمع والطاعة على كل المسلمين لمن ولاه الله أمرهم حفظاً للأمة من الفتن وبعداً عن الشرود والمفاسد حتى ولو رأوا أخطاء فإن السمع والطاعة واجبة. وما يعتبر من خطأ فتصحيحه بالطرق الشرعية ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها. روى مسلم ان سلمة بن يزيد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم سأله في الثانية أو الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم».. وقال وروي البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم سترون أثرة وأموراً تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم». والطريق في اصلاح الأخطاء هي بالنصيحة والدعاء والصبر والرفق واللين... لا بالتشهير وتصيد الأخطاء واتهام النيات أو برفع السلاح.. وتحريض الناس على الفوضى وخلخلة الأمن. قال العلامة ابن القيم: «الإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.. ومن تأمل ما جرى على الإسلام من الفتن الكبار والصغار رآها من اضاعة هذا الأصل - يعني ألا يكون إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه - وبعدم الصبر على المنكر فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام، عزم على تغيير البيت ورده إلى قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك مع قدرته عليه - خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وجد سواء....». وأشار وقال الإمام الأشعري «واجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين وعلى ان كل من ولي شيئاً من أمورهم عن رضا أو غلبة وامتدت طاعته من بر أو فاجر لا يلزم الخروج عليه بالسيف جار أو عدل وعلى أن يغزو معه ويحج معه البيت وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع والأعياد... وأضاف وقال شيخ الإسلام الصابوني «ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم باراً كان أو فاجراً ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف... قال الفضيل رحمه الله لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد، وفي رواية قيل «يا أبا علي فسر لنا هذا قال إذا جعلتها في نفسي لم تعدني وإذا جعلتها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه». وطريق النصيحة وباب الإصلاح سراً حفاظاً على المجتمع من وقوع الفتن وتجرئ الناس على إمامهم. فعن عياض بن غنم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أراد أن ينصح السلطان بأمر فلا يبد له علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه». رواه أحمد وهو صحيح. وأردف.. ولما قيل لأسامة بن زيد ألا تدخل على عثمان رضي الله عنه لتكلمه فقال أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم والله لقد كلمته فيما بيني وبينه من دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه، رواه مسلم. قال الإمام ابن عبدالبر «إن لم يكن يتمكن نصح السلطان فالصبر والدعاء فإنهم كانوا ينهون عن سب الأمراء وساق سنده إلى أنس قال كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوننا عن سب الأمراء. وعن أبي إسحاق قال : «ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره» ،،، وقال أبو الدرداء «أول نفاق المرء طعنه على إمامه». فطريقة التشهير والخروج هي طريقة غير أهل السنة والجماعة ولما أخرج أبو ذر إلى الربذة لاجتهاده رضي الله عنه في أن ما زاد على حاجة الإنسان أنه كنز يعذب بها إن لم ينفقه. سمع وأطاع ولم يكن مفتاح فتنة على الناس .. فعن معاوية قال لما خرج أبو ذر إلى الربذة لقيه ركب من أهل العراق فقالوا يا أبا ذر قد بلغنا الذي صنع بك فأعقد لواء يأتيك رجال ما شئت قال مهلا مهلاً يا أهل الإسلام فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «سيكون بعدي سلطان فأعزوه من التمس فله ثغر ثغرة في الإسلام ولا يقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت»، رواه ابن عاصم بسند صحيح .. وذكر الخلال في السنة عن أبي الحارث قال سألت أبا عبدالله - يعني الإمام أحمد - في أمر كان حدث في بغداد وهم قوم بالخروج فقلت يا أبا عبدالله ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم فأنكر ذلك عليهم وجعل يقول سبحان الله الدماء الدماء. ويستباح فيها الأموال وينتهك فيها المحارم أما علمت ما كان الناس فيه - يعني أيام الفتنة - قلت والناس اليوم أليس هم في فتنة يا أبا عبدالله قال وإن كان فإنما فتنة خاصة فإن وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل، الصبر على هذا ويسلم لك دينك خير لك. ورأيته ينكر الخروج على الأئمة وقال الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به. وقال الحسن البصري «لو أن الناس اذا ابتلوا من قبل سلطانهم بشيء دعوا الله أوشك الله أن يرفع عنهم ولكنهم فزعوا إلى السيف فوكلوا إليه والله ما جاء بخير يوماً قط ثم قرأ {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}. رواه بن أبي حاتم في التفسير». وقال الطرطوشي رحمه الله «كان العلماء يقولون إذا استقامت لكم أمور السلطان فأكثروا من حمد الله تعالى وشكره .. وإن جاءكم منه ما تكرهون وجهوه إلى ما تستوجبونه بذنوبكم وتستحقونه بآثامكم وأقيموا عذر السلطان لانتشار الأمور عليه وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة واستئلاف الأعداء وإرضاء الأولياء وقلة الناصح وكثرة التدليس والطمع ..». روى إسحاق بن سنين لابن المبارك قوله الله يدفع بالسلطان معضلة عن ديننا رحمة منه ورضواناً لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل وكان أضعفنا نهباً لأقوانا قال الذهبي يقال إن الرشيد أعجبه هذا فلما بلغه موت ابن المبارك قال إن لله وإنا إليه راجعون يا فضل آذنْ للناس يعزوننا في ابن المبارك وقال أما هو القاتل «الله يدفع بالسلطان معضلة» فمن الذي يسمع هذا من ابن المبارك ولا يعرف حقنا. وأضاف وعن ابن الزبير قال أخبرني المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه قدم وافداً على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فقضى حاجته ثم دعاه فأخلاه فقال يا مسور ما فعل طعنك على الأئمة فقال المسور دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له قال معاوية لا والله لتكلمن بذات نفسك والذي تعيب علي قال المسور فلم أترك شيئاً أعيبه إلا بينته له قال معاوية لابرء من الذنب فهل تعد يا مسور مالي من الإصلاح في أمر العامة فإن الحسنة بعشر أمثالها أم تعد الذنوب وتترك الحسنات قال المسور لا والله ما نذكر إلا ما نرى من الذنوب. قال معاوية فإننا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلك إن لم يغفرها الله قال المسور نعم قال معاوية فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة مني فوالله لما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي ولكن لا أخير بين أمرين بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه وأنا على دين يقبل الله فيه العمل ويجزي فيه بالحسنات ويجزي فيه بالذنوب إلا أن يعفو عما يشاء فأنا احتسبت كل حسنة عملتها بأضعافها وأوزاري أموراً عظاما لا احصيها ولا تحصيها احتسب من عمل في اقامة صلوات المسلمين والجهاد في سبيل الله عز وجل والحكم بما انزل الله تعالى والأمور التي لست تحصيها وإن عددتها لك فتفكر في ذلك قال المسور فعرفت ان معاوية قد خصمني حين ذكر ما ذكر. قال عروة فلم يسمع المسور بعد ذلك يذكر معاوية الا استغفر له.. رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وسنده حسن. قال شيخ الاسلام ابن تيمية (اذا كان القائم بالملك والإمارة يفعل من الحسنات المأمور بها ويترك من السيئات المنهي عنها ما يزيد به ثوابه على عقوبة ما يتركه من واجب او يفعله من محظور فهذا قد ترجحت حسناته على سيئاته الى ان قال رحمه الله.. (مثل من لا تطيعه نفسه الى القيام بمصالح الإمارة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود وأمن السبل وجهاد العدو وقسمة المال الا بحظوظ منهي عنها من الاستئثار ببعض المال والرياسة على الناس والمحاباة في القسمة وغير ذلك من الشهوات... وقال..بسبب ذلك نشأت الفتن بين الأمة فأقوام نظروا الى ما ارتكبوه من الأمور المنهي عنها فذموهم وأبغضوهم وأقوام نظروا الى ما فعلوه من الأمور المأمور بها فأجابوهم ثم الأولون ربما عدوا حسناتهم سيئات والآخرون ربما جعلوا سيئاتهم حسنات. والتحقيق ان الحسنات حسنات والسيئات سيئات وهم خلطوا عملا صالحاً واخر سيئا. وأوضح حكم الشريعة انهم لا يؤذن لهم فيما فعلوه من السيئات ولا يؤمرون به ولا يجعل حظ انفسهم عذراً لهم في فعلهم اذا لم تكن الشريعة عذرتهم لكن يؤمرون بما فعلوه من الحسنات ويحضون على ذلك ويرغبون فيه وإن علم انهم لا يفعلونه الا بالسيئات المرجوحة او علم انهم اذا نهوا عن تلك السيئات تركوا الحسنات الراجحة الواجبة لم ينهوا عنها.، لما في النهي عنها من مفسدة ترك الحسنات الواجبة الا ان يمكن الجمع بين الأمرين فيفعل حينئذ تمام الواجب ويكون ترك المنهي عنه حينئذ مثل ترك الإنكار باليد او بالسلاح اذا كان فيه مفسدة المنكر. ففرق بين ترك العالم او الأمير لنهي بعض الناس عن الشيء اذا كان في الشيء مفسدة راجحة وبين اذنه في فعله وهذا يختلف باختلاف الأحوال). (فتاوى ابن تيمية 35). وقال ان كثيراً من الحوادث والوقائع تؤكد ان الخروج وإثارة الفتن تولد شروراً عظيمة اكثر مما قصد الإنكار عليه وإن اغلب من فعل ذلك لم يصل الى نتيجة بل وصل الى اشر من ذلك. قال شيخ الإسلام (لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان الا كان في خروجها من الفساد ماهو اعظم من الفساد الذي ازالته. وقل من خرج على امام ذي سلطان الا كان ما تولد على فعله من الشر اعظم مما تولد من الخير) الى ان قال رحمه الله... فلا اقاموا ديناً ولا ابقوا دينا والله تعالى لا يأمر بأمر لا يصلح به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا وإن كان فاعل ذلك من اولياء الله المتقين، ومن اهل الجنة فليسوا افضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال وهم اعظم قدراً عند الله وأحسن نية من غيرهم. الى ان قال رحمه الله (وهذا كله ما يبين ان ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو اصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد وإن من خالف ذلك متعمداً او مخطئاً لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا اثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن بقوله (ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به فئتين عظيمتين في المسلمين) ولم يثن على احد لا بقتال ولا فتنه ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة) (منهاج السنة 1/391). أبعد ذلك ينساق احد خلف دعاة الإثارة والفتن ممن يتصيدون الأخطاء ويجهرون بالأكاذيب ويدعون الناس للخروج على إمامهم، يدعون الدهماء الى المواجهة ادعاء ان ذلك طريق التصحيح والإصلاح.. فقد ضلوا وأضلوا. ان دعاة الإفساد من السفهاء لا يقر لهم قرار حتى يقتل الأخ اخاه ويتفرق المجتمع ويتقطع وتعطل الجمع والجماعات وتنتهك الأعراض ويحل الفساد وتسفك الدماء. ان من يهيجون الناس بدعوى الإصلاح انما هم يتبعون سنن اليهود والنصارى، وقد ارتموا بأحضانهم واستقوا من افكارهم وما تلك الدعوات الا اكبر دليل وشاهد انهم يتبعون طريقة الأعداء وإن الذين يتصدون للإصلاح وهم ليسوا من اهله فإن ما يفسدون اكثر مما يصلحون ان كانوا يصلحون. وأشار.. وإن طريقة علماء الأمة هي السمع والطاعة والدعوة بالحكمة والرفق واللين والدعاء والتضرع والصبر، ومراعاة المصالح ودرء المفاسد. والإصلاح بيد العلماء الراسخين الذين يصدرون عن الكتاب والسنة واتباع سلف الأمة فيما يعلمون. وإن الفتن هي منبع الشرور وكم من مدع باء بالفشل وصار ما افسده وبال على الأمة.. وصدق الأثر (ستون سنة بإمام جائر خير من ليلة بلا سلطان) وصدق ابن تيمية (والتجربة تبين ذلك). وقال أليس لنا عبرة وعظة بمن حولنا قتل بعضهم بعضاً ونهبت الأموال وانقطعت السبل وخاف الناس وسفكت الدماء وانتهكت الأعراض، وعطلت المساجد وهدمت، وتفرق الناس.. اليس في الأمة رجل رشيد ينظر الى عواقب الأمور ومجريات الأحداث فيمن حولنا فيأخذ العبرة. ان الغوغائية التي ينادي بها السفيه وأمثاله لا تصلح واقعاً ولا تصحح خطأ وإنما تثير فتناً وتزيد نقماً وتظهر احقاداً وتولد اعداء، وإن هذه المظاهرات والمسيرات انما هي طريقة المغضوب عليهم والضالين من الأعداء ولن تولد الا الفرقة والفتنة والنزاع. فيا من تنساق خلف تلك الشعارات الكاذبة رويدك فلا الدنيا ستحصل ولا بعمل الأجرة تعمل.. فإن كنت تريد الدنيا فلن تجن من الشوك العنب ولا تجد من هذه الطريقة الا خسارة الدنيا وإفلاسها والفرقة والاختلاف والتنازع والبغضاء والشحناء وسفك الدماء. يامن يوافق مثل هؤلاء لشيء في نفسه انت الضحية فإذا وقعت الفتنة ماذا ستكون؟ فلتراعِ المصالح وانظر الى صلاح البلاد واستقرارها وأمنها وحفظ الأمة.. ولا تدفعك حظوظ دنيوية ان تصدق ما يدعيه هؤلاء السفهاء. وأكد فالفتنة تأكل الأخضر واليابس ولا تبق دنيا ولا دينا، وكن كما قال صلى الله عليه وسلم (ان من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه) رواه ابن ماجة وسنده حسن. فلنحافظ على بلادنا واجتماع كلمتنا ولا يغرنا المرجفون والمخذلون فإنهم يريدون فرقتنا ونزاعنا واختلاف كلمتنا، ولنعلم ان تلك الدعوات انما هي شرارة تحرق بلادنا وأمننا ومجتمعنا وتدمر كل مكتسباتنا. ولنحرص على اجتماع الكلمة ووحدة الصف وتألف القلوب ونبذ الفرقة والاختلاف. هدى الله ضال المسلمين وأصلح البلاد والعباد وحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه ورد الله كيد الكائد في نحره.