في عام 2000م أقرت المملكة نظاماً جديداً للاستثمار الأجنبي تتيح فيه للمستثمرين الأجانب الاستثمار في كل قطاعات الاقتصاد السعودي عدا بعض الأنشطة المستثناة في قائمة الاستثمار وحدد حداً أدنى للاستثمار في المشاريع الزراعية ب 25 مليون ريال والمشاريع الصناعية ب 5 ملايين ريال والخدمات ب 2 مليون ريال. ولايشترط النظام على المستثمر الأجنبي أن يكون لديه شريك سعودي للحصول على ترخيص لمشروعه ويسمح النظام كذلك للمستثمر الأجنبي بتحويل أرباحه خارج المملكة وكفالة العاملين بمشروعه الاستثماري بشكل كامل. إن تحديد الحد الأدنى للاستثمار في الخدمات ب 2 مليون يعتبر قليلاً جدا لاستقطاب استثمارات ذات مستوى رفيع من الجودة والتقنية والخبرة والتي هي الهدف الأساسي من فتح الاستثمارات الأجنبية في المملكة. وسمح هذا الحد المتدني للاستثمار باستقطاب الكثير من الشركات ذات المستوى المتدني والتي لم تضف لاقتصادنا أي ميزة وإنما هي عبء عليه ومنافسة للشركات المحلية. تتجه الدول عادة لفتح أسواقها للاستثمار الأجنبي لعدة أهداف من أهمها: ٭ الاستفادة من التقدم التكنولوجي للمستثمر الأجنبي وبالتالي نقل التكنلوجيا للبلد المضيف. ٭ فوائد مالية من الضرائب المفروضة على المستثمر الاجنبي. ٭ توفير الفرص الوظيفية للمواطنين وتدريبهم بشكل عال. ٭ نقل أحدث الخبرات الإدارية والمحاسبية من المستثمر الأجنبي للبلد المضيف. ٭ الاستفادة من البحوث والتطوير التي يقوم بها المستثمر الأجنبي عن البلد المضيف. ٭ تطوير الشركات المحلية من خلال المنافسة وتهيئتهم للأسواق العالمية. ٭ زيادة مستوى التصدير للخارج. ٭ توفير منتجات بخيارات أوسع وجودة أفضل وباقل الأسعار. إن الأهداف المذكورة سابقاً عن سبب اتجاه الدول لفتح أسواقها للاستثمار الأجنبي هي في الواقع تنعكس سلباً على البلد المضيف عند السماح برأس مال متدن وبالتالي دخول شركات ذات مستوى منخفض إلى أسواق البلد المضيف. تشير دراسات اقتصادية أن هناك علاقة وثيقة بين مستوى المستثمر الأجنبي التقني والمالي والإداري ومدى تأثيره إما سلباً أو إيجاباً على البلد المضيف. فإذا كان مستوى المستثمر الأجنبي التقني والمالي والإداري اقل من البلد المضيف فان المستثمر الأجنبي يؤثر سلباً على البلد المضيف والعكس صحيح. بعد فتح السوق السعودي للمستثمرين الأجانب دخلت الكثير من الشركات الصغيرة أسواقنا تحت مسمى مستثمر أجنبي وذلك لتدني رأس المال المطلوب وهو 2 مليون ريال وبالتالي تصب الكثير من هذه الشركات في خانة الشركات ذات المستوى المتدني تقنيا وماليا وإداريا والتي لايوجد لها أساس في الخارج وإنما أسست في بلدنا من قبل أفراد مقيمين كانوا يعملون في بلدنا تحت كفالة شركات سعودية. الكثير من هذه الشركات تحت مسمى مستثمر أجنبي بحد أدني 2 مليون ريال هي في الواقع شركات رديئة لاتضيف لاقتصادنا أي ميزة وإنما هي عبء عليه وذلك للأسباب التالية: ٭ هذه الشركات لم تأت بتكنولوجية متطورة نستفيد منها وتنقلها لنا وإنما هي تعمل بطرق بدائية ولايوجد مسمى للتقنية التكنولوجية في قاموسها. ڤ الفوائد المالية من الضرائب المفروضة عليها تكون ضعيفة جدا إن وجدت وذلك لضعف رأس مالها وبالتالي أرباحها واتجاه بعضها إلى التلاعب محاسبيا وإظهار شركاتهم بأنها لم تحقق أرباحاً لان الضريبة المفروضة على المستثمر الأجنبي تكون على الإرباح فهناك من يقوم بإيداع مدا خيلهم في حسابات شخصية وتحويلها للخارج للهروب من دفع الضريبة وإظهار شركاتهم إما بأرباح قليلة أو خسائر لاتعكس الواقع. ٭ لاتقوم هذه الشركات بتوظيف المواطنين أو تدريبهم وإنما تقوم عادة بتوظيف واستقدام موظفين من غير المواطنين وفي الغالب توظف أفراداً من نفس جنسية أصحاب هذه الشركات. وبعض الشركات تستخدم أسماءها كغطاء للمتاجرة بالعمالة والتستر عليهم وبالتالي الإضرار بأمن البلد وتقليل الحصول على وظائف للمواطنين. ٭ لاتقوم هذه الشركات بتطوير الشركات المحلية من خلال المنافسة الشريفة وإنما تضر بها من خلال تقديم منتجات وأعمال بمواصفات متدنية لتقديم أسعار منخفضة واستخدام أساليب منافسة غير شريفة الإخراج التجار السعوديين من السوق. ٭ لاتقوم هذه الشركات بنقل الخبرات الإدارية والمحاسبية وبالتالي استفادة الشركات المحلية والمواطنين من هذه الخبرات وإنما تجلب معها أسوأ أنواع الأساليب الإدارية والمحاسبية والتي عادة تستخدم في بلدها الأم والتي تكون من الدول المتخلفة إداريا ومحاسبيا مما يؤثر سلبا على بلدنا. ٭ لاتقوم هذه الشركات بإجراء بحوث عن بلدنا يمكن الاستفادة منها كما قامت به الكثير من الشركات العالمية العملاقة التي عملت في البلد لان هذه الشركات لاتهتم أو بالأصح لاتعي أهمية البحوث في تطوير البلد. ڤ هذه الشركات لاتعمل على زيادة التصدير من البلد لان السوق السعودي هو أقصى طموحها التوسعية وأيضا ضعف مركزها التنافسي ورداءة منتجاتها وخدماتها لاتؤهلها إلى التصدير للخارج. ٭ تقوم الكثير من هذه الشركات بتقديم منتجات أو خدمات بجودة منخفضة وبالتالي القدرة على خفض أسعارها على حساب الجودة مما يضر بالمواطن بتقديم منتجات وخدمات رديئة والمنافسة غير الكفء للشركات المحلية. من المدهش أن الكثير من هذه الشركات ذات المستوى المتدني لم تأت من الخارج وإنما من الداخل كونها أشخاصاً مقيمين في المملكة كانوا يعملون بالتستر تحت أسماء كفلائهم من المواطنين والآن يعملون علناً تحت أسمائهم. وبذلك شجعنا التستر الذي كنا نحاربه في السابق وما زلنا نحارية لإضراره باقتصادنا ومنافستة غير العادلة للمواطن وذلك بسماحنا إلى نوع جديد من الاستثمارات الرديئة والتي هي أبشع واشد ضررا من التستر على اقتصادنا تحت مسمى مستثمر أجنبي بحد أدنى 2 مليون ريال. هل نحن بحاجة إلى هذا النوع من المستثمرين الأجانب أم نحتاج إلى مستثمرين لهم ثقلهم العالمي يعملون بالارتقاء بمستوى اقتصادنا وتطوير أفرادنا وتوفير الفرص الوظيفية لهم والعمل على نقل أحدث الخبرات الإدارية العالمية لنا ونقل التكنلوجيا المتطورة إلى بلدنا بدلا من السماح لشركات رديئة تحت مسمى مستثمر أجنبي تنهش اقتصادنا وتنافس شركاتنا. السؤال الذي أود الحصول على إجابة عليه. هل نحن بحاجة إلى هذا النوع من المستثمرين الأجانب؟