لا أحد يتوقع في المدى القريب على الأقل.. أن يتوصل صندوق التنمية العقاري إلى صيغة تنظيمية تضمن له القدرة على استرداد القروض المتعثر سدادها بشكل فاعل.. حتى وان لوّح بتطبيق نظام الحسم من رواتب الموظفين.. أو اقتطاع مستحقاته من حقوقهم التقاعدية.. وما إلى ذلك لسببين اثنين : الأول : استراتيجي وطني ، وهو أن الحكومة التي قدمت هذه الخدمة الإقراضية لمواطنيها كواحدة من أهم أذرع التنمية الوطنية التي وفرتها لهم بلا فوائد.. وكوجه من أوجه الدعم المتعددة لتوفير الحياة الكريمة لأبنائها.. لا تريد أن تستخدم أساليب قسرية في سبيل استعادة تلك القروض ، أما السبب الثاني فهو تنظيمي قانوني محض وهو أن آلية الإقراض منذ بدايات عمل الصندوق.. لم تتوقف طويلا عند مسألة ضمانات الاسترجاع.. بدليل أنها أقرضت أرامل وعجزة وأيتاماً بلا دخول ثابتة.. مما لا يجعل من سلاح الحسم من الراتب.. حلا سحريا لمعضلة تلك القروض التي تعثر سدادها ! في هذه الاتجاه.. تلقيتُ من بعض الأخوة (سعود الحميد) (عبد الرحمن الجميل) من حائل اقتراحاً أعتقد أن من واجبي في هذه الزاوية أن أضعه تحت تصرف المسؤولين عن الصندوق.. وهذا الاقتراح يستند على فكرة إعفاء المواطن المقترض من سداد بقية الأقساط في حال وفاته.. أسوة بما تفعله البنوك التجارية مع عملائها في حال الوفاة.. شريطة أن يقوم الصندوق قبل هذا بدعوة جميع المقترضين لتوقيع تعاقد جديد معهم يلتزم بموجبه المقترض بالانتظام بالسداد بشكل شهري.. أو التوقيع بتخويل جهات العمل بالاستقطاع من مستحقاته لصالح الصندوق.. أو حتى بالسداد النقدي بالنسبة للمقترضين من غير الموظفين.. وعلى ألا يتخلف المقترض عن تسديد أي قسط بعد هذا التعاقد الجديد لأيّ سبب كان.. وإلا فإنه سيسقط حقه في الإعفاء عما تبقى من الأقساط في حالة الوفاة . بهذه الطريقة (يرى الأخوة) أصحاب هذا الرأي.. أن الصندوق ربما يخسر شيئا من رأس ماله نتيجة إعفاء المتوفين عن بقية أقساطهم ، وهي نسبة لا يُمكن توقعها أو حسابها على الاطلاق.. لأنها تتصل بأمر غيبي لا يعلمه إلا الله.. لكنها حتما ستدفع الجميع خاصة المتعثرين في السداد.. لفعل أي شيء من أجل الانتظام بالتسديد شهريا.. حتى ولو بالاقتطاع من لقمة عيشهم اليومي.. للحفاظ على هذه الميزة التفضيلية.. التي تبرّىء ذممهم في حال وفاتهم.. وتحرر ورثتهم من عبء وراثة مديونيتهم للصندوق.. كما أن هذه الطريقة (والرأي لا يزال للأخوة) ستوفر للصندوق آلية جيدة وواقعية لتحصيل أقساط ما كان سيُمكن استردادها إلا من باب براءة الذمة . وأعتقد أن إدارة الصندوق تستطيع أن تقوم بدراسة بحثية ميدانية لدراسة مدى تجاوب الناس مع هذه الخطوة في حال تنفيذها.. قبل أن تنتهجها كأسلوب أو خطة عمل جديدة . وعموما ، وحتى لا أكون مسؤولا عن هذا الاقتراح.. فإنني سأكتفي بأن أضعه هنا بين يدي المسؤولين في وزارة المالية وإدارة صندوق التنمية العقاري.. دون أن أزعم بأنني أمتلك رؤية كاملة حول تطبيقه.. لأنه مجرد فكرة قابلة للمداولة وحسب.. وإنما أطرحه هنا فقط لإيماني بأن أحد أهم واجبات الصحافة.. أن تنقل للمسؤول ما يقوله ويراه ويقترحه المواطن وصولاً لما يحقق مصلحة الوطن والمواطن في وقت واحد . [email protected]