أتساءل أحياناً .. هل أنا الوحيد الذي ينظر للإعلام الرياضي بكل صنوفه بنوع من السوداوية، وهل أنا الوحيد الذي يطلق عبارات الامتعاض عند متابعة برنامج تلفزيوني أو إذاعي لسوء الإعداد وضعف التقديم .. وقلة حيلة (الضيف)، وهل أنا الوحيد الذي يرى أن الإعلام الرياضي رغم توافر كافة مقومات نجاحه يعد الأدنى في سلم التصنيف الإعلامي . العمل في المجال الإعلامي متعة بحد ذاته فما بالك حينما يكون عملك في محيط (الرياضة) التي تحظى بمساحة لا حدود لها من الحرية مقارنة بالأقسام الإعلامية الأخرى التي قد يكون أمامها خطوط حمراء كثيرة، في الإعلام الرياضي هناك مجال خصب من الأبواب التي يمكن طرقها بكافة فنون العمل الإعلامي، ولذلك ومن وجهة نظرٍ شخصية، قد يكون الصحفي الرياضي هو الإعلامي الوحيد الذي يعيش كافة أصناف العمل الصحفي خلال فترة وجيزة، فهو يكتب الخبر ويطرح التقرير ويعيش لحظات التحقيق ويسن قلمه لنقد حاد وجريء ويبدي آراءه في مقالات وزوايا ويسافر لتغطية حدثٍ أو بطولة، كل تلك الفنون يعيشها الصحفي الرياضي ربما في ظرف اسبوع واحد وهي كفيلة بزيادة خبرته وتأصيل مفهوم العمل الاحترافي في ذهنه بشكل لا يقارن مع أقسام أخرى لها طبيعتها المختلفة . غير أن تلك الأمور لم تظهر لنا جيلاً إعلامياً يستحق الإشادة - إلا قلة قليلة - استطاعت تحقيق النجاح وكسب الاحترام، وليسمح لي زملاء المهنة وأنا أكتب هذه الأسطر المتواضعة، فأنا لست منظراً أرمي سهام النقد تجاه فلان وعلان بقدر كوني جزءاً من هذا الوسط، وأعلم تماماً بأن كما للإعلاميين الحق في نقد رئيس ناد والهجوم على حكم ما وإبداء الامتعاض من قرار إحدى لجان الاتحاد السعودي، يجب كذلك أن يكون هناك نقد للإعلام الرياضي حتى ولو كان من باب (نقد الذات) .. في العمل الصحفي الرياضي نقاط سلبية فاضحة تسير بمباركة من مسؤولين رياضيين مضطلعين بأدوار (هامة) في منظومة الرياضة السعودية، أحدثكم عن صحفيين يعملون في 3 صحف مختلفة بأسماء وهمية، فالواحد منهم حين يقوم بتغطية مؤتمر يرسل الخبر أولاً للصحيفة (أ) ثم يغير المقدمة ويستبدل الاسم بآخر ثم يرسله للصحيفة (ب) ويفعل الأمر ذاته لمرة ثالثة ليرسله للصحيفة الأخرى، ذلك يحدث ليس براعة في مثل هؤلاء الصحفيين أو قوة مصادرهم بل هو أمرٌ متعمد، وأزيد أن بعض هؤلاء الصحفيين يحظون بقبول من قبل (بعض) رؤساء الأندية فيتم تعيينهم كمسؤولي علاقات عامة، وأترك لكم تخيل حال هذا النادي الذي سيضمن أن الصحفي (المتعدد) لن يقوم بإرسال أي أمر قد يظهر سلبيات هذا النادي، فهو سيكتب الخبر كونه مسؤول إعلام في النادي ويتقاضى راتباً عن ذلك، وما يكتبه سيرسل إلى 3 صحف بنفس المحتوى، الأمر لا يتوقف على المؤتمرات الصحفية بل في الأخبار والتغطيات المنوعة، وأجزم بأن الكثير من القراء يلاحظون أن هناك أندية (معينة) تسلم دائماً من سهام النقد (الهادف) إلا في الصحف التي لا ترضى أن ينتسب لها هذه النوعية من الصحفيين . تخيل حال مخرجات التعليم في الجانب الإعلامي كيف ستصطدم بهؤلاء الذين يحتكرون المقاعد الصحفية، نسيت أن أضيف شيئاً، لا يتوقف دورهم عن العمل في الصحف بل تجدهم أيضاً يتواجدون في الإعلام المرئي كمعدين في الغالب، لتستمر نفس (المحسوبيات) حتى في القنوات الفضائية، تأملوا في هذا العمل الإعلامي المحصور في مثل هذه النوعية من الصحفيين ثم نفكر بعدها لماذا برامجنا الرياضية يغلب عليها (الفشل) . كل هذه الأمور وأنا لم أتطرق بعد لبعض من يطلق عليهم (صحفيين) ولكنهم لا يكتبون حرفاً واحداً حيث يقومون بعد انتهاء التدريبات والمؤتمرات بالاتصال بصحفهم وإملاء ماحدث على شاكلة (فلان تدرب، علتان في غرفة العلاج، والمدرب استبعد شلتان) . كما نقول بلهجتنا المحلية .. كل ماسبق (في كوم) والإعلام الرياضي المرئي والمسموع (في كوم ثان)، هل سبق وأن شاهدتم فيلم (جاءنا البيان التالي) حينما يتقدم محمد هنيدي للعمل كمذيع في قناة فضائية ليتفاجأ بأن الواسطة عينت مذيعين أصواتهم وطريقة إلقائهم تجبرك على الضحك، هذا يحدث لدينا بكل واقعية ولن أكون متحاملاً أو أنظر للموضوع بشيء من التشاؤم ولكني على يقين بأن هناك الكثير ممن (استمع) لبعض الأصوات المحدودة الإمكانيات وهي تقرأ أخبار رياضية بطريقة تحول الأمر إلى برنامج كوميدي وليس إخبارياً رياضياً . وأنت تقلب القنوات السعودية (الحكومية والخاصة) ب (الريموت) ستبدي إعجابك بمذيع الأخبار السياسية وسيلفت نظرك حضور مبهر لمذيع في برنامج ثقافي وستتوقف طويلاً أمام جرأة مذيع ميداني، لكن حينما يصل الأمر إلى المذيع الرياضي ربما تفكر في استعمال زر (mute)، قلة فقط ربما نستثنيها من ذلك ولا يتجاوز عددهم أصابع اليدين (كنت أفكر بصراحة بأن أقول لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة) ! . أختم هذه الأسطر المتواضعة بمثل ما بدأت بها .. هل أنا فعلاً الشخص الوحيد الذي ينظر للإعلام الرياضي بهذه السوداوية ؟ [email protected]