أستغرب ممن لم يكن هناك في منى بأن يتناول أسباب الوفيات نتيجة التدافع ويبحث في أسبابها مع افتقاره لأهم عنصر فيها وهو الوقوف المباشر على كافة العوامل. ولا أستغرب أن تجتاح قناة الجزيرة الفضائية موجة عارمة من الفرح لتحاول النيل من المملكة من خلال التباكي على الحجاج. وبعد أن حاولت الجزيرة تأليب المجتمع الإسلامي على الدولة السعودية بما في ذلك نقولات مترجمة عن صحف غربية تطالب بحماية الحجاج. بعد هذا كله وبعد أن اطمأنت أنها غسلت الأدمغة، قامت باستفتاء عن أسباب تكرار حوادث الحجاج فجاءت الإجابة على غير ما تحب الجزيرة حيث إن الغالبية رأت أن السبب الأول يعود لنقص توعية الحجاج. ودليل ذلك واضح من افتراش وحمل أمتعة وغيرهما. ولقد نتج عن حملة الجزيرة المغرضة للنيل من السعودية رد فعل معاكس من المسلمين على اختلاف مشاربهم، فامتلأت المنتديات باستنكار تجني الجزيرة علينا. ومثلها فعلت الصحف وبرامج الفضائيات والمنصفون. وهكذا تفسد الجزيرة تفوقها المهني ونجاحها الإعلامي بحقد متأصل متربص يبحث عن المثالب فإن لم يجد مثلباً صنعه. لا أحد ينكر الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة بكافة أجهزتها إلا حاقد جاحد. ولا أحد يدعي أن موسماً كموسم الحج يجمع القوي والضعيف والكبير والصغير والمتعلم والجاهل في حيز ضيق من الوقت والمكان سيخلو من الأخطاء. وليس عندي أدنى شك بأن المسؤولين الأمنيين سيدرسون الحالة من شتى نواحيها بما في ذلك تسجيل الكاميرات (CCTV) ومحاولة الوقوف على أي سبب لم يكن واضحاً من خلال المتابعة الأولى. كنت قد كتبت منذ سنوات عن هندسة الزحام وأنها علم قائم بذاته وعن ضرورة أن تكون أساساً في أي مشروع في المشاعر المقدسة. وقد قدم آخرون حلولاً منها: ٭ أن تلتزم كل دولة بتوعية رعاياها. ٭ أن تقسم أعداد الحجاج على الساعات مثلاً 150 ألفاً كل ساعة. ٭ أن يبحث في اجتهادات تخفف على المسلمين من حيث توقيت الرجم. لاشك لدي بأن سلامة الحجاج وأمنهم يشكلان هاجساً لخادم الحرمين وولي عهده وكل المسؤولين، ولا شك بأنهم سيجدون حلا للحوادث التي تصاحب الحج بعون من الله وتوفيق. ولعل من المريح في هذا كله أن هناك التفافاً شعبياً كبيراً حول القيادة وثقة فيها تقطع الطريق على من يحاول أن يمرر أجندته من خلال مآسي المسلمين. رحم الله من مات في الحج وتقبله شهيداً وألهم ذويه الصبر والسلوان.