قالت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية أمس الإثنين إن إيران «تخطت الخط الأحمر» بأنشطتها النووية في الفترة الأخيرة ويتعين على العالم اتخاذ إجراء سريع بإحالة طهران إلى مجلس الأمن الدولي. وفي لندن، قررت الترويكا الاوروبية المؤلفة من المانيا وفرنسا وبريطانيا أمس الاثنين الدعوة الى عقد اجتماع طارئ لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الثاني والثالث من شباط/فبراير المقبل لبحث الملف النووي الايراني، ما يمهد لطلب رفع هذا الملف الى مجلس الامن. وقال المتحدث باسم الخارجية البريطانية في ختام اجتماع عقد في لندن ضم مسؤولين من الترويكا الاوروبية اضافة الى الولاياتالمتحدةوروسيا والصين ان «الترويكا الاوروبية ابلغت المشاركين الاخرين بنيتها الدعوة الى اجتماع طارئ لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2 و3 شباط/فبراير». وقالت رايس إن الولاياتالمتحدة تريد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقد اجتماع طارئ في أسرع وقت ممكن خوفا من أن يعطي انتظار الدول الأعضاء في الوكالة لاجتماع دوري مقرر في مارس/ آذار المقبل الفرصة لإيران «للتعتيم» بدرجة أكبر على خطتها لانتاج سلاح نووي. وقالت للصحفيين المسافرين معها إلى ليبيريا لتهنئة أول رئيسة لدولة افريقية «لا يمكننا ان نتركهم يفعلون ذلك.» وصرحت رايس بأنها اجرت حوارات «جيدة للغاية» مع العديد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في الوكالة في مطلع الأسبوع وانها متفائلة بشأن تأييدهم لإحالة ملف إيران لمجلس الأمن الذي قد يفرض عقوبات عليها. وأبلغت رايس الصحفيين دون ان تحدد الوزراء الذين تحدثت معهم او الدول التي ايدت الإحالة الفورية لمجلس الامن «يجب ان نظهر لإيران بشكل نهائي انه لا يمكنها ان تفلت من تنحية مطالب المجتمع الدولي جانبا.»وأضافت «هناك بعض العمل الذي يتعين القيام به لأننا نرغب في حشد تأييد كبير للتصويت. ولكن ايا كان عدد من سيصوتون (لصالح إحالة إيران لمجلس الأمن) لا اعتقد أن هناك أي شك في انه من الواضح تماما للجميع أن إيران تجاوزت الخط.»ولم تستدرج رايس للرد على ما إذا كانت تعتقد أن الولاياتالمتحدة حظيت بالفعل بتأييد روسيا والصين لكنها قالت إن موسكو عبرت عن خيبة أملها بعد أن فضت إيران اختام الأممالمتحدة في منشأة لتخصيب اليورانيوم واستأنفت ابحاث الوقود النووي الأسبوع الماضي. وأضافت أن إيران رفضت كذلك عرضا روسيا لمساعدة طهران في تلبية احتياجاتها النووية المدنية دون زيادة مخاطر الانتشار النووي. وتابعت انه مع «اختلاف اساليب» الدول في التعامل مع إيران إلا انه ليس هناك دولة واحدة دافعت عن إيران. وقالت «انهم لا يتلقون سوى الادانة.» وردا على سؤال عن الخيارات العسكرية وما إذا كان يتعين استخدام القوة أو على الأقل التهديد بها أكدت رايس مجددا ان التركيز الآن ينصب على الدبلوماسية. وقالت «لا اعتقد ان من المفيد التكهن في هذا الامر. نحن نقول دائما ان الرئيس (الامريكي جورج بوش) يبقي على جميع الخيارات مطروحة لكن المسار الذي نتبعه الآن هو المسار الدبلوماسي.» من جهة أخرى دعا وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أمس الاثنين ايران الى طمأنة المجتمع الدولي بأنها لا تسعى الى تطوير اسلحة نووية. وحذر سترو في كلمة في مؤتمر حول الامن في لندن يعقد خلاله دبلوماسيون اجتماعا مغلقا حول ايران، من خطورة وصول اسلحة الدمار الشامل الى ايدي «ارهابيين». وقال «هذا هو السبب الذي يزيد من اهمية وقوف المجتمع الدولي في وجه استمرار ايران في عدم الالتزام ببنود معاهدة الحد من الانتشار النووي والقرارات المتعاقبة التي اصدرها مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضاف ان «الكرة في ملعب ايران وعليها ان تتحرك لمنح المجتمع الدولي الثقة بأن برنامجها النووي يهدف الى اغراض محض سلمية» مؤكدا ان تلك الثقة «قوضها تاريخ (ايران) من السرية والخداع». من جهة أخرى حذر هانز بليكس الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الاثنين من الاحالة الفورية للملف النووي الايراني إلى مجلس الامن. وفي حديث أدلى به لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قال بليكس إن «الغرب لابد أن يجتهد بشكل أكبر لاعادة إيران إلى الحظيرة الدولية». في الوقت نفسه أعرب بليكس عن اعتقاده بأن التفكير الحالي بإحالة الملف النووي الايراني لمجلس الامن من شأنه أن يضفي «نبرة دراماتيكية» على مسرح الصراع. وأضاف بليكس الذي سبق محمد البرادعي في رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن «الغرب سيظهر في صورة نمر من ورق إذا فشل في حل هذه القضية الان». على صعيد آخر قال أحمد أبو الغيط وزير الخارجية إن مصر تتابع عن كثب تطورات الملف النووي الايراني ودعوة الدول الاوروبية الثلاث المانيا وبريطانيا وفرنسا لعقد اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإحالة الملف الى مجلس الامن .وأوضح ان مصر حرصت منذ بداية طرح الملف على أعمال مجلس محافظي الوكالة للطاقة الذرية عام 2003 على تأكيد أهمية التزام جميع الدول بتعهداتها بما يسمح للمجتمع الدولي بالتأكد من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الايراني حيث أننا لا نقبل بظهور قوة نووية عسكرية في المنطقة، كما حرصنا على التأكيد على أهمية عدم المساس بحق الدول في الانتفاع من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية باعتباره حقا مكفولا لسائر الدول الاعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي . وذكر أن مصر تتعامل مع الملف النووي الايراني من منظور فني وقانوني لا يحتمل أي لبس، وهو منهج يتطلب منها الاخذ بما يطرحه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية من رأي وتقييم باعتبار أن الوكالة هي الجهة الفنية المنوط بها التأكد من مدى التزام الدول بتعهداتها بموجب اتفاق الضمانات الموقع بين ايران والوكالة . وأكد أبوالغيط أن مصر لا تزال عند موقفها بأن الحوار هو أفضل الوسائل للخروج من الازمة الحالية، ولدينا الكثير من العوامل التي تساعد على الخروج من هذه الازمة، فعلى سبيل المثال هناك المقترحات الروسية التي يمكن بلورتها بشكل يلبي مصالح الجميع، كما ان الاطار التفاوضى بين دول الترويكا الاوروبية الثلاث وايران منذ عام 2003 مثال آخر يمكن أن يفضي الى تسوية مقبولة اذا ما توافرت الارادة اللازمة. كما أكد أبوالغيط ان تسارع وتيرة التطورات في الملف النووي الايراني توضح مجددا أهمية تنفيذ المبادرة المصرية لاخلاء منطقة الشرق الاوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح النووي، فلم يعد هناك مجال للشك أن هذه المبادرة أصبحت تكتسب أهمية أكثر من أي وقت مضى، وأن الوقت قد حان لأن يضطلع المجتمع الدولي بمسئولياته لاتخاذ خطوات عملية لتنفيذ هذه المبادرة وفق جدول زمني محدد والابتعاد عن سياسة التعامل الانتقائي التي أثبتت عدم جدواها، ولعل أول هذه الخطوات هو انضمام اسرائيل الى معاهدة منع الانتشار النووي وقبولها باخضاع كافة منشآتها النووية تحت نظام ضمانات الوكالة الشاملة والسماح لمفتشي الوكالة بالتفتيش على منشآتها النووية التي لا يعلم أحد عنها شيئا .وذكر أن مصر لا تود استباق الاحداث بشأن الموقف المصري حيث ان ذلك مرتبط بطبيعة المداولات التي ستجرى في الاجتماع الاستثنائي لمجلس محافظي الوكالة والذي لم يتحدد موعده بعد، كما أنه من السابق لأوانه التكهن بنتائج الاجتماع دون تقييم للجهود الدبلوماسية السابقة لعقده وتلك المتزامنة معه في اطار المجموعات الجغرافية وصياغات القرار الذي سيتم طرحه والتي سيتقرر على ضوئها الموقف النهائي لكافة الدول الاعضاء ال 35 في مجلس المحافظين ومن بينها مصر.