ما طرحه الكاتب والمفكر المتألق إبراهيم البليهي في عدد «الرياض» يوم الأحد 1 ذي الحجة لعام 1426ه عن مفهوم الثقافة غاية في الروعة والإبداع كما هي عادته في تناول الأمور الفكرية الكبيرة، وأنا هنا أعقب تعقيباً بسيطاً واختصاراً لمفهوم الثقافة الذي عرفه الكثير من الأدباء والنقاد والمفكرين بأنه (الالتزام بالوعي) وهذا من وجهة نظري الشخصية أفضل تعريف ويضربون مثلاً شهيراً بالزبال الذي انتهى وقت عمله وعند ذهابه إلى بيته وجد في طريقه نفاية فوضعها في صندوق القمامة رغم أنه في ذات اللحظة ليس مسؤولاً عنها، إذاً هذا الشخص العادي التزم بوعيه بواجبه بقيمة عمله وبروحه وأحس بمسؤوليته تجاه المجتمع الذي يعيش فيه فهو إذاً مثقف لأنه احترم نفسه وهذبها بالقيم التي استقاها من صميم واجبه، مع أننا لو قسنا ذلك على أستاذ جامعي وصل بمعرفته لأعلى مستويات العلم، ماذا لو قابلك خارج أسوار الجامعة بخلق سيئ ، أو شطح عن الذوق العام أو غير ذلك بصرف النظر عن المسبب. ما وقع ذلك عليك وتأثيره؟ بالتأكيد ستقف واجماً وحائراً امام كلامه وتنظيره داخل القاعات فالمشكلة الآن وقعت، وما الفائدة إذا لم يطبق ما يقول على أرض الواقع وما الفرق بينه وبين غير المتعلم، هذا نموذج قد نصادفه أحياناً، آمل أن تكون الصورة قد اتضحت. إذاً ليست الثقافة (بكمية) العلم الغزير أو الإلمام بحفنة من المعلومات أو كما يقولون من كل بستان زهرة. لا.. بل هي (بالكيفية) والطريقة فليس كل من تعلم أصبح مثقفاً فالثقافة مصطلح (ينفر) من العلم إذا لم يصحب ب(وعي وتطبيق) وإلا لكان المثقفون في مجتمعنا ملء الأرض والبحر وهذا هو الذي نريد ونأمل مستقبلاً، فالمراد هنا أن نلتزم بوعينا بقيمنا بمبادئنا بعلمنا بنهجنا بمخزوننا الديني والمعرفي بتقاليدنا وعاداتنا المقبولة والمقبولة فقط عندها نستحق لقب (مثقفين) بكل جدارة.