قرأت في جريدة الرياض بعددها الصادر في يوم السبت 29/11/1426ه الموافق 31/12/2005م مقالاً بعنوان «هل من الحكمة تصدير المياه المحلية المعبأة» بقلم الكاتب الدكتور سليمان بن عبدالله الرويشد، والذي يطالب فيه بمنع تصدير المياه المعبأة نظراً لقلة المياه لدينا، وفي نفس الوقت يطالب بتحجيم عدد المصانع «غير المبرر زيادتها» حسب تعبيره ودمج القائم منها لتكون أكثر قدرة على المنافسة مع انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية. ومع احترامي لوجهة نظر الكاتب واليقين التام بأهمية المياه والمحافظة عليها، إلا أنني أخالفه الرأي وأعتقد أنه يجب تشجيع قيام المزيد من هذه المصانع وتشجيعها على التصدير بدلاً من تحجيمها وتقليل عددها ومنعها من التصدير وذلك للأسباب التالية: أولاً: إن قيمة المياه المعبأة الحقيقية لا تكمن في قيمة الماء (فهو قليل الثمن جداً) بل هي في القيمة المضافة في عبوات البلاستك والكرتون والملصق (وجميعها تصنع محلياً) وتكاليف الإنتاج وهامش الربح فالمصنع في الحقيقة يبيع منتجا مصنعا له قيمة صناعية مضافة أكبر بكثير من قيمة الماء نفسه. ثانياً: مهما بلغ شح المياه عندنا فإن استهلاك مصنع واحد من الماء لا يعدل هدر مزرعة قمح أو أعلاف واحدة أو محطة غسيل سيارات واحدة. وحتى لو حلينا المياه وصدرناها للخارج فإننا نحقق قيمة مضاعفة من منتج صناعي يعود بالنفع الكبير من حيث استثمار الأموال أو توظيف الشباب أو تعزيز ميزان المدفوعات وزيادة دخل الوطن. ثالثاً: ان أفضل أسلوب للدفاع هو الهجوم وإذا كنا مترقبين للمنافسة من الخارج بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، فمن الأولى أن نجابه الاستيراد بالتصدير وأن نوسع دائرة المنافسة بدلاً من التقوقع على أنفسنا في سوقنا فقط. رابعاً: إن أحد مقومات الانتعاش الاقتصادي وازدهار الاستثمار هو حرية التجارة وتقليل القيود قدر الإمكان وبدلاً من الدعوة إلى الحد من التصدير والحد من الترخيص لمصانع المياه وفرض الاندماج على ما هو قائم، فإن الأولى رفع المعوقات والتمعن في إيجابيات استغلال مياه البحر المحلاة أو مياه الآبار المعالجة لتسويق منتج مصنّع يدخل فيه منتجات وطنية مثل البلاستك، وعائد على توظيف الأموال في المعدات وفرص وظيفية للمواطنين. ولا يخلو الطرح من المبالغة عند ذكر 2,5 مليار لتر فائضة! فماذا تعني 2,5 مليار لتر حتى لو كانت صحيحة مقارنة بحجم استهلاك المياه لدينا؟ كما أن تعبئتها وبيعها بالتصدير لا يعتبر هدراً بل استغلال مثالي لمورد اقتصادي يترتب عليه مضاعفات اقتصادية ايجابية عديدة. وهناك الكثير الذي يمكن عمله للمحافظة على المياه والاستفادة منها الاستفادة القصوى، بدون المساس بصناعات تستحق التشجيع.