بعد أن كان إجمالي عددها في المملكة لا يتجاوز ستة مصانع لتعبئة المياه منذ أكثر من عشرين عاماً تنامى هذا العدد بشكل حاد ليبلغ في الوقت الحاضر سبعين مصنعاً، تضم الرياض وحدها المدينة الصحراوية العطشى لمورد المياه لحوالي 20٪ من تلك المصانع، وتبلغ الطاقة الإنتاجية لتلك المصانع حوالي خمس مليارات لتر من المياه سنوياً، لا يستهلك سكان المملكة من هذه الكمية إلا النصف فقط، أي أن 2,5 مليار لتر من المياه يُعد فائضاً عن الحاجة من هذه المصانع، التي مع ذلك كله يتم تشغيلها بطاقة أقل من المتوسط عن قدراتها، ومن ثمَّ تعاني من تكلفة التشغيل التي تؤثر سلباً على تكلفة الإنتاج لتلك الكمية التي تفيض عن الحاجة من تلك المياه المعبأة. وينظر أصحاب تلك المصانع بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية إلى مستقبل سلعتهم بنظرة يشوبها التشاؤم والتفاؤل في آن واحد، فالبعض منهم وبالذات أصحاب المصانع الصغيرة يتوقع أن لانضمام المملكة تأثيرا سلبيا كبيرا على صناعتهم حيث إن ذلك سيقلص من حصتهم في السوق المحلي بعد أن تفتح المملكة أبوابها للمنتجات المنافسة من الدول الأعضاء في المنظمة، وقد تضطر تلك المصانع لإيقاف إنتاجها وإقفال منشآتها أو إعادة هيكلتها لتتلاءم والواقع الجديد، أما البعض الآخر وعلى وجه التحديد المصانع الكبيرة فيأمل أن تفضي به الظروف المستقبلية إلى النفاذ للأسواق الخارجية فيصدر عبواته لأسواق الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة. إن للمملكة سياسة فيما يتعلق بالسلع المحلية وما يسمح أو يُحظر بتصديره منها للخارج، ومن أبرز ما يتصل بذلك هو حظر تصدير مياه زمزم وعدم استغلال هذا المورد المتفرد في خصوصيته لأغراض تجارية محلياً ناهيك عن أن يكون ذلك خارجياً، ولعل من وجاهة الرأي أن يمتد حظر التصدير للسلع المحلية للخارج ليشمل المياه بمختلف أصناف منتجاتها سواء كانت معبأة أو خلاف ذلك، من منطلق محدودية موارد هذه السلعة لدينا في المملكة وشح كمياتها التي أدت بنا لأن نكون الدولة الأولى في العالم إنتاجاً لمياه البحر المحلاة من أجل التعويض عن النقص الذي يتزايد عاماً بعد آخر في مياه الشرب بخلاف الاحتياج لعنصر المياه في الأغراض الأساسية الأخرى الزراعية والصناعية بالإضافة إلى الترفيهية، ومن أجل تفادي ما قد ينتج من سلبيات جراء هذا الحظر المقترح لا بد من القيام بدراسة وضع مصانع المياه المعبأة وبحث إمكانية تقليص هذا العدد غير المبرر لتلك المصانع، ودعم ظروف اندماجها في عدد محدود من المصانع التي تلبي الاحتياج المحلي فقط، دون فائض في إنتاجها، ودعم تلك الكيانات الناشئة عن ذلك الاندماج لتكون قادرة على مجابهة المنافسة التي ستأتي لها من الخارج سواء في كفاءة المنتج أو قيمته في السوق. ٭ كاتب