قليلون من يعرفون استعدادات المملكة للحج، والتكاليف الهائلة التي تصرف على هذه المناسبة حتى من الدول الإسلامية، وهذا الأمر لا يعزى لقصور جهة بذاتها حين تستنفر كافة الأجهزة، لكنه نقص في التخطيط، وخاصة من الأجهزة الإعلامية، وإدارات العلاقات العامة بوزارات ومصالح الدولة. هناك دعوات للعديد من الشخصيات، وحجاج على حساب الدولة، واذاعات تبث بلغات عديدة، وكتيبات ونشرات أخرى، لكن هذا لا يعكس حقيقة الجهود المبذولة لأن من المفترض أن يكون الحج أهم منطلق لكشف صورة الإسلام بأن تتعهد قنوات الدول الإسلامية، المحاطة بدول لا تدين بالإسلام، أن تطرح استراتيجية تتوافق وزخم وحجم الحجيج وصورتهم في المشاعر المقدسة، مقابل جهد من المملكة في توجيه الدعوات، والنقل الحي لقنوات دولية أخرى، لأن وسائل الإعلام لها جبروتها بتأثيرها على العالم بما يوازي أي سلاح ثقافي أو عسكري أو اقتصادي آخر، وطالما الفرص متاحة فإن وجود هيئة عليا للإعلام الإسلامي، والدولي، تأخذ بمهمة توجيه إعلام ناجح، سوف تكون هدفاً أساسياً بأن نضع العالم أمام حقيقة ديننا، تسامحه، وعدالته، وتلاحمه مع قضايا الشعوب ونهضتها. نعرف أن المهمة ليست سهلة، لكن لماذا لا نأخذ بالخطط الآنية والطويلة المدى، خاصة وأن بعض الدول الإسلامية، وصلت بإعلامها إلى العالمية، ولديها خبرات متطورة في مخاطبة العالم، ثم إننا بتعاون الاختصاصيين من مفكرين، وعلماء اجتماع، ووسائل تأثير، يمكن وضع منظومة كبيرة لتحديد مهام إعلام إسلامي لا يخضع للشكليات أو قوانين الحكومات التي تقيد الأفكار والمعلومات، وإنما هيئة مستقلة ذات أهداف مرسومة وخارج وصاية الدول، أو المنظمات التي تريدها صورة لها وإدارتها. وإذا كان الإسلام والمسلمون بمختلف طبقاتهم وشعوبهم مستهدفين من خلال حرب طويلة، فعلى الأقل يمكن فهم هذه الضرورات، والتعامل معها بفهم واضح، ونضوج فكري وعلمي يجعلنا على نفس الدرجة من المسؤولية الأدبية تجاه عالمنا وعقيدتنا. صحيح أن هناك قنوات فضائية، وبعض النشاطات الأخرى، لكنها تبقى محدودة التأثير، لأنها تعاني الوضع الداخلي لكل دولة، ومن هنا يتوجب أن نخلق إعلاماً أكثر جاذبية وصدقاً مع الذات للتأثير على المجاميع الأخرى.