جاءت الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى جدة ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في وقت دقيق للغاية لما تتعرض له سورية من تحديات وضغوط دولية وفي مقدمتها ضغوط الإدارة الأمريكية التي لم تتوان و صقورها من محاولات النيل من سورية ورأس هرمها السياسي بشتى الأساليب والطرق ناهيك عن محاولات الاستفراد بها والتأكيد بأنها منعزلة.. من هنا تأتي أهمية الزيارة لتؤكد بأن سورية ليست وحدها وان المملكة على عهدها في الحفاظ على قوميتها ورفضها القاطع النيل من أي طرف عربي كما تجلت أهمية الزيارة في بلورة موقف سوري حيال طلبات لجنة التحقيق الدولية من لقاء الرئيس الأسد إضافة إلى بلورة موقف سعودي سوري حيال الضغوط التي تتعرض لها سورية حيث أصبح واضحا للجميع بأن الاستفراد بسورية والنيل منها لن يحقق أية فائدة بل سيدفع المنطقة إلى المزيد من الفوضى والتوتر. وحسب محللين سياسيين فإن البيان المشترك الذي خرجت به القمة يؤكد عزم البلدين في تعزيز التنسيق بينهما لما تشكله سورية والسعودية من ثقل وأشاروا إلى أن الزيارة تندرج في إطار الاتصال والتشاور بين البلدين وتبادل الرأي بشأن قضايا المنطقة وأهمية الخروج بمواقف وقرارات ترقى إلى مستوى الأخطار المحدقة بسورية بشكل خاص ونوهوا إلى أن من شأن المباحثات التي أجراها الرئيس الأسد مع القادة السعوديين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين أن تشكل مع ما تم بحثه سابقا بين الرئيس الأسد ونظيره المصري حسني مبارك خطوة مهمة لتعزيز التنسيق العربي بالنظر لما تشكله هذه الدول ( السعودية، سوريا، مصر) من أهمية قي قيادة الوضع العربي على اعتبار ان المثلث السعودي السوري المصري هو قاطرة العمل ا لعربي المشترك. وحول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى القمة السورية السعودية أكد المحللون السوريون بأن هناك عشرات الأسباب التي تحتم على سورية، والسعودية تنسيق جهودهما وتوحيد مواقفهما، وتوجيهها نحو الهدف الأساس المتمثل في إقامة النظام العربي الفاعل بين أمم الأرض القادرة على مجابهة الزحف العدواني والاحتكاري والشرق أوسطي وأوضحوا بأن الدول الثلاث السعودية وسوريا ومصر وبسبب دورها وثقلها السياسي والاقتصادي والسكاني والمعرفي يجري التركيز عليها فيما يطرح من مشروعات ويعد من مخططات قد لا تتوقف عن النيل من سورية ومحاولات إرغامها على الخضوع. وفيما إذا كانت الزيارة كما يدعي البعض لإقرار صفقة أمريكية سورية بوساطة سعودية أكد الدكتور خلف الجراد رئيس تحرير جريدة تشرين بانه لا صفقة بين سورية وأمريكا وباعتراف قادة البلدين وقال إن بلاده لا تعقد الصفقات وهي مستعدة للحديث على الملأ لأنه لا يوجد ما تخفيه. وحول ادعاء البعض وجود توتر بين دمشق والرياض على خلفية اغتيال الحريري أكد محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري «للرياض» بأن الكثيرين تحدثوا عن ذلك واستبقوا زيارة الأسد وعن فشل زيارة الأسد للسعودية، وقال كل ذلك مجرد كلام فلا يوجد أي توتر بين البلدين الشقيقين مشددا في الوقت نفسه بأن لدى سورية تماسكاً في الموقف تجاه الدور السعودي و رغبة في إحياء هذا الدور لمساعدة اللبنانيين على تجاوز الظروف الصعبة التي تحيط بهم،وأضاف حبش بأن سورية تعلم أن اتفاق السلام اللبناني ما كان أن يولد لولا الطائف وأشار إلى أن الحضور السعودي في المسألة اللبنانية حضور مباشر ومؤثر ولذلك «نحن ننتظر من جلالة الملك عبد الله قطع الجدل الذي تثيره تصريحات صحفية غير مسئولة بل وراغبة في تأزيم العلاقات العربية العربية». من جهته أكد الدكتور صابر فلحوط رئيس اتحاد الصحفيين السوريين بأن سورية تقدر مواقف السعودية المؤيدة لسورية في مختلف الظروف وكذلك تأييدها للقضايا العربية والإسلامية العادلة وتحملها الأعباء التي يتطلبها كل واجب عربي وإسلامي. وأضاف بأن زيارة الرئيس الأسد لجدة ومباحثاته مع جلالة الملك تشكل خطوة مهمة في سياق الخطوات التي يحرص البلدان العربيان على تحقيقها من خلال الزيارات التي يتم تبادلها في مختلف الظروف وعلى جميع المستويات من أجل تعزيز التضامن العربي وتعميق العمل العربي المشترك وتحقيق موقف عربي فعال إزاء جميع التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية. كما شدد الدكتور أحمد حاج علي المحلل السياسي المعروف ومستشار وزارة الإعلام سابقا بان زيارة الأسد لجدة تؤكد بأن سورية غير مستفردة أو مفردة وتوقع أن يتعمق الموقف السعودي في الأيام القادمة، كما أشار إلى أن لقاء الرئيس الأسد مع جلالة الملك سوف يدفع الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى إعادة حساباتها تجاه سورية كونها بنت جميع الاستنتاجات على أساس أن سورية معزولة عربيا ودوليا وإذ تفاجأ بدور سعودي نشط يرفض النيل من دولة عربية لتحقيق أهداف ليس لها علاقة بجريمة اغتيال الحريري وهنا تتجلى حسب حاج علي عدالة الملك عبد الله في رفض الظلم و الإيمان بالعدالة واستشهد حاج علي بتصريح سابق للملك عبد الله الذي أكد فيه بأن أهانة سورية هي إهانة للسعودية واعتبر ذلك دليلا قاطعا يؤكد مدى قومية هذا الإنسان وحبه لعروبته وإسلامه. وحول عمومية البيان المشترك وعدم التطرق إلى التفاصيل أكد حاج علي أن مجرد صدور البيان يؤكد التوافق والتعمق في مختلف الأمور أما العمومية في البيان تعني أن القائدين أرادا عدم الخوض في التفاصيل حتى لا يكون هناك إعاقة أو نوع من التوسع في بحث قضايا جزئية.