وضع العاهل المغربي حدا للصراع القائم في المغرب بعد تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مغرب ما بين 1956 و1999 بدعوته الجميع إلى التحلي بقيم الإسلام وتطبيق دعوة القرآن إلى العفو والصفح مشيرا إلى أن المصالحة لا تعني نسيان الماضي بل الأمر يتعلق بصفح جماعي من شأنه أن يشكل دعامة للإصلاح الجماعي. وكان الاختلاف نشب بين فعاليات حقوقية وهيئات سياسية مختلفة بعد التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة إذ في الوقت الذي دعت فيه فعاليات إلى طي صفحة الماضي والاتجاه نحو بناء المستقبل ألحت فيه أطراف أخرى على ضرورة معرفة الجلادين الذين وقفوا وراء هذه الانتهاكات وعقابهم. ودعا العاهل المغربي في خطاب وجهه إلى المغاربة إلى التحلي بروح المواطنة الصادقة والتفكير بعمق في مستقبل المغرب وعدم استنزاف الطاقات في معارك وهمية، وقال العاهل المغربي «كفى من الأنانية والانطواء على ذواتنا وهدر الفرص الثمينة واستنزاف الطاقات في معارك وهمية» مضيفا «لقد آن الأوان لتدبير حاضر أبنائنا ومستقبلهم، فشبابنا لن يتفهموا عدم تحقيق تطلعاتهم المشروعة للعيش الحر الكريم». وأضاف أن ذلك لن يتأتى إلا بالتشمير عن ساعد الجد ومواصلة تضحيات جيل الاستقلال والمسيرة الخضراء والمضي قدما في إصلاح شامل عماده الجيل الصاعد «جيل تحقيق التنمية البشرية والتمسك بالهوية الوطنية والوحدة الترابية والتشبث بالملكية المواطنة». يشار إلى أن العاهل المغربي كان أعطى تعليماته بنشر التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة وكذا الدراسة التي أنجزت حول حصيلة التنمية البشرية بالمغرب خلال الخمسين السنة المقبلة وإطلاع الرأي العام الوطني عليهما، وهي إشارة قوية من العاهل المغربي إلى عدم الوقوف عند محطة الكشف عن انتهاكات الماضي في مجال حقوق الإنسان وإنما يجب استكمال بناء حاضر المغرب ومستقبله بتضافر جميع جهود أبنائه. وقال العاهل المغربي في هذا الإطار «يتعين علينا جميعا علاوة على حفظ هذه الحقبة في الذاكرة باعتبارها جزءا من تاريخنا استخلاص الدروس اللازمة منها. وذلك بما يوفر الضمانات الكفيلة بتحصين بلادنا من تكرار ما جرى واستدراك ما فات» مؤكدا أن الأهم هو التوجه المستقبلي البناء القائم على «تعبئة كل طاقاتنا للارتقاء بشعبنا والانكباب على قضاياه الملحة، فما أكثر ما ينتظرنا إنجازه». يذكر أن التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة وقف بعد تحليل المعطيات والمعلومات المستقاة من مختلف المصادر ذات الصلة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المغرب ما بين 1956 و1999 وقف على مسؤولية أجهزة أمنية مختلفة عن تلك الانتهاكات. وقال التقرير إن تلك الانتهاكات كانت نتيجة لعدم الالتزام بالمعايير والمبادئ الدولية في مجال حقوق الإنسان ذات الصلة بشروط وقيود استعمال القوة العمومية ترتب عنه استعمال غير متناسب ومفرط للقوة مما تسبب في حدوث في وفيات واختفاءات قسرية وحالات تعذيب. وأشادت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية الحقوقية بالتقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة الجريء والعمل الضخم الذي قامت به. وقالت صحيفة «لومانيتي» LصHUMANITE)) الفرنسية إن التقرير الختامي للهيئة يشكل سابقة في المغرب العربي والشرق الأوسط. وأضافت أنه «حتى اليوم لم يقم أي بلد عربي بعمل مماثل لحفظ الذاكرة من أجل إرساء قواعد الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان». يذكر أيضا أن هيئة الإنصاف والمصالحة اقترحت كتوصيات في تقريرها الختامي استراتيجية وطنية لمكافحة الإفلات من العقاب من خلال إصلاحات قانونية وبلورة سياسة حقيقية لحقوق الإنسان في قطاعات العدل والأمن وحفظ النظام. وطالبت الهيئة الدولة بتقديم اعتذار للضحايا لأنه يرى أن مسؤوليتها قائمة وواضحة في انتهاكات حقوق الإنسان.