وضعت السماعة على صدرها بعد أن أنهت ارتواءها منه.. وأضافت حلماً لأحلامها الصغيرة.. فلقد جدد الليلة وعده لها بأنه سيعود قريباً ليكملا مشوار الحياة.. سيغيب في الغربة وستمول هذا الغياب من .. ابتساماتها.. وانتظارها.. واحلامها.. حيث انها تفيق كل صبح لترتدي أحلامها.. طموحها. وتحديها فهو بكل حنانه ووعوده ماثل أمامها.. يمد لها يديه ويقول لها تعالي بكل ما فيك من حب وتحد نبني غدنا.. تغادر لعملها وهي تختال بين ضحكات الهيام لا يوقف حبها له شيء.. تقضي ساعات العمل بين أمنية بغد حالم ومستقبل يليق بهذا الحب المخملي.. وفي آخر الشهر وقبل كل رغباتها ترسل له تعبها غير المفوتر وشقائها الذي تنفسته ورصفت به ساعات الانتظار.. كل شهر تفعل هذا بسعادة لأنه فقط حبيبها... وتمر الأيام.. ومع مرور كل يوم تزداد السنوات التي سيقضيها هناك.. لا تهتم إلا بشيء واحد كيف تبدد وحشه غربته الباردة كيف تجعله يتنفس الوطن من خلالها هذا ما كان يهمها.. لكن الأيام لا تفكر فيما يهمها فهذه هي الأيام تحط أجنحة الخوف على قلبها رويداً رويدا.. وبدأت نوبات الخوف تهاجمها فليوم بدأت تسأل لما خف التواصل.. تتبسم لتطرد هذا الخوف ربما الدنيا شغلته ببناء غدنا.. تغادرها المخاوف في الصباح وتعود لها الليل وتحيطها من جديد تتعارك مع انتظارها وصبرها حبها كل ليلة تخدش جنود الخوف مقومات صبرها فتسيل مقاومتها قليلاً لكنها لا تضعف فهي مؤمنة بأن حبهما اسطوري.. لا تدكه أعتى الجحافل.. ما أبرد الليل حينما لا يخاطبها حينما لا يطمئنها حينما لا يعدها بشيء، تمر الأيام ويبدأ في لعبة الاختفاء من ساحتها وتبدأ المخاوف والتساولات تجد في واقعها مساحة لعروضها البهلوانية وبدأت الحقائق تكون مراً لا أمر منها ولا مفر منها.. خارت قواها وانحنى صبرها وبدأ يخذلها، ترجته أن يبقى لكنها الحقيقة التي بدأت تشرق من حنايا انقطاعه واختفائه على ما ذا تتكئ.. إلى من تلجأ وهو صدرها الحنون ومرساها الآمن... ومستقبلها الموعود .. تعزي نفسها كل يوم بأنها أوهام يخذلها البعد ليفرق العشاق لكن كان كل شيء أقوى والبعد والاختفاء أمر وهي أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن تنتظر ابداً دون جدوى.. وإما .. أن تخزن كل ما فعلت وكل ما تنفست وكل ما اختلج ذات يوم داخلها في صناديق الذكرى لتخبر عنها يوماً وتقول إنه كان لها قصة وأنها كانت لها الطولة المطلقة.. في هذا الصباح.. ارتدت الحقائق وتنفست الصعداء وقررت أن تتخذ قراراً تتحمل مسؤوليته فيما بعد.