ماالذي يدفع شاباً في مقتبل العمر إلى أن يتحوّل ارهابياً قاتلاً حاقداً؟ ولماذا يفعل ذلك؟ وهل يختار طوعاً أن يقتل نفسه انتحاراً؟ ومن المسؤول عن انتحاره؟ ما هي تلك المغناطيسيّة في الفكر الإرهابي التي تجعل الشباب ينجذبون اليه قلباً وقالباً وتجعل حياتهم تنقلب رأساً على عقب وتتحول قناعاتهم من النقيض إلى النقيض؟ ولماذا تتعاطف وتتسامح (بعض) شرائح المجتمع مع الفئة الضالة..؟؟ أسئلة محورية طرحها الباحث سأحاول الإجابة عليها لعلها تكشف جوانب الشق الفكري في منظومة مكافحة الإرهاب، حيث يمكن القول إن سبب دافع الشباب لما يُقدم عليه من جنون كان ناتجا عن شحنات مركّزة ومتواصلة ومكثّفة لخطاب ديني دعوي عبر عدّة عقود..خطاب اتّسم بالتشدد والاقصاء والتعبويّة وتكفير المجتمعات والحكّام ولوم الآخرين والحث على الجهاد وأهمية بعث أمجاد المسلمين والوعد بالنصر أو الشهادة والحاكميّة، هذه الزخّات النارية والمركّزة التي يتلقاها الفرد والجماعة في المجتمع السعودي يومياً طيلة هذه السنوات مُسخراً لها وسائل ذات الصفة الجماهيرية لابد أن يكون لها صدى، لابد أن تتراكم ولابد أن يكون لها مردود وأثر ونتيجة في يومٍ معيّن من شخص معيّن في مكان معين في موقف معيّن هي باختصار حالة تهيئة نفسية متواصلة رافقها شحن اعلامي وتربوي وديني جعلت شباباً ناجحين يتركون أعمالهم ووظائفهم ومدارسهم وجامعاتهم وينضمّون للجماعات الإرهابية أو الذهاب للجهاد في افغانستان والعراق والشيشان تلبية لنداء: (ياخيل الله اركبي) وقد تم كل ذلك أمام أنظار الجميع ومباركتهم. ولمعرفة كيف يفكّر الآخرون تجاه الحرب على الإرهاب فقد أورد الدكتور يوسف العثيمين في بحثه بعضاً من التوصيات المتعلّقة بالشق الفكري الواردة في تقرير فريق (لجنة 9/11) الأمريكية التي شكّلها الرئيس الأمريكي لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب: ٭ سخّرت الحكومة الأمريكية أذكى العقول وأنضج الخبرات الوطنية وأكثر مراكز الأبحاث الاستراتيجيّة وأدوات استشراف المستقبل تقدماً وجعلت من تلك المراكز اساساً مركزياً للتعامل الاستراتيجي مع الإرهاب ووجهت مخازن الفكر في سياق جهدها الحربي والفكري والاستراتيجي لفهم ما أصاب بلادهم ومجتمعهم. ٭ إنشاء إذاعة «سوا» موجهة للعالم العربي ٭ إنشاء محطّة تلفزيون «الحرّة» موجهة للعالم العربي ايضا إستقطاب جيش كبير من مخازن الفكر لملء عدد من الفراغات الوظيفية في الدوائر السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المؤثرة في القرار الداخلي والخارجي وأصبحت التعيينات السياسية والوظائف العليا والقيادية تُستقطب من مراكز الدراسات الاستراتيجيّة المتقدّمة والتي لها توجهات محافظة أومتشددة تجاه معالجة ظاهرة الإرهاب في العالم. ٭ تجنيد كافة فعاليات المجتمع المدني والإعلام والنخب السياسيّة والثقافية والفعاليات الشعبية في سياق مكافحة الإرهاب وتفاعل المجتمع مع هذه الجهود على كافّة الأصعدة. سؤال:- ماذا عملنا نحن هنا من خطط فكرية تدعم الحل الأمني وتكمل جهود الدولة في حربها على الإرهاب..؟؟ الجواب قد يكون محبطاً أمام ذلك الخطاب الهزيل الموسوم بالسطحيّة والعاطفية وضعف التأثير يقدّم من خلال برامج أُعدت على عجل يقال فيها كلام مكرور لايسمعه أحد ولايؤثر في أحد. (يتبع) aalkeaid @alriyadh.com