أرى أن مهنة المحاسبة والمراجعة القانونية ازدهرت في السبعينيات الميلادية في بلادنا بشكل ملحوظ، عندما كانت الحكومة تطلب من مقترضي الصناديق احضار ميزانية معتمدة من محاسب قانوني. المخابز.. الإنتاج الزراعي.. قروض صندوق التنمية العقارية وغيرها كانت تطلب من المتقدم ما يقتضي ذلك من أرقام، مثل رأس المال والأصول العينية والنقدية المودعة والإيجار. وأرى أيضاً أن من أدخل علم المحاسبة إلى مناهج الجامعات للمرة الأولى لم يكن يتوقع تقنية المعلومات والأرقام فجاء بنظريات مثل القيد المزدوج والترحيل والديون المعدومة وغيرها من المفردات المحاسبية. ومع أن هذا لا يزال في الاستعمال ومن ضرورات التجارة المعاصرة إلا أن الحاسوب اختصر العمليات والترحيلات والقيد وصار - أي الحاسوب - هو الذي يقيد ويخصم ويعطي الأرباح ويظهر الأرباح. والحاسوب كما يعرف الناس لا يعمل وحده لكنه مقيد بالذهنية البشرية. فاذا كانت المؤسسة خالية من محاسبين مؤهلين ومتدربين فإن الحاسوب مهما كانت قوته وفاعليته سيظهر قراءات ربما كانت بغير مصلحة العميل أو صاحب العمل أو الملتزم. عند بدء تنفيذ قروض المزارعين طلب من مزارع إحضار ميزانية مصدقة من محاسب قانوني، ذهب إلى أحدهم فطلب المحاسب دفاتر القيود اليومية وقيمة ما يملك كالأرض الزراعية والمعدات والمكائن والمخازن، أعطاه المزارع بكل بساطة وتلقائية دفتراً عبارة عن كراس، وفيه قيد مثل ما يأتي: 350 ريالاً، زيتاً للمكينة، وغداء للعمال، وباقي أجرة عبيّد، ولا بد أن المحاسب عجز عن قيد هذا المبلغ، أو ترحيله إلى أبوابه.