المنظر الأول: مواطنون ومواطنات يصطفون مع تباشير الصباح تجد بعضهم قد حضر قبل طلوع الشمس والبعض الآخر قد نام في مكان الطابور، والدافع الحصول على موعد مع طبيب الأسنان، ولأن المقاعد محدودة فأول الواصلين أو المعتكفين هو الأحق بأن يخلع سنا أو يحشو ضرسا وعلى من يصحو متأخرا أن يجرب حظه في يوم آخر. المنظر الثاني: مئات من المواطنين يتجمهرون سنويا في موقع معين، ليس الأمر احتفالا و لا كرنفالا سنويا يحدث في هذا المكان، ولكن السبب بغاية البساطة هو أن المستشفى لا يحلو له جدولة المواعيد إلا في هذا الوقت فهو يمنح جميع المرضى موعدا واحدا يكون مع رأس السنة ويحصل القادمون فيه على مواعيدهم للسنة القادمة. المنظر الثالث: يحدد المستشفى لك موعدا في الثانية والربع مساء فتأتي قبل الموعد بعشر دقائق حرصا على وقتك ووقت المستشفى وتفاجأ بأن المستشفى كان أكثر حرصا منك لذا فهو يستقبل المرضى بعد فترة الغداء بغض النظر عن مواعيد مراجعاتهم أي أن من يحضر مبكرا تقوم الممرضة أو موظفة الاستقبال بوضع ملفه أولا حتى يصبح الموعد الدقيق الذي يمنحه المستشفى دليلا على عدم الدقة. المنظر الرابع: تأتي في اليوم الذي حدد لك فيه الدخول للمستشفى لإجراء عملية، وتضطر للانتظار مع غيرك من المرضى حتى يأتي الطبيب الذي تأخر عن عمله ليكشف عليك ويوقع على قرار الدخول. هذه المناظر والمشاهد المألوفة تحدث دائما في المستشفيات العامة ولأن المريض صاحب الحاجة فإن عليه أن يتحلى بالصبر والأناة أو يضطر للنظر في جيبه ليرى كم من المال يستطيع أن ينفق ليتجنب معاملة المستشفيات العامة الحسنة !. في الوقت الذي يتعلم فيه المريض فضيلة الصبر فإن المرضى في بعض الدول المتقدمة - وأيضا والحق يقال بعض مستشفياتنا المتقدمة في مجال خدمة المرضى - يستطيعون حجز مواعيدهم عن طريق الانترنت وبعضهم تأتيه رسالة تذكير بموعده عن طريق الجوال والبعض الآخر يستطيع الدخول عن طريق الانترنت إلى معلوماته الشخصية ليرى ما تم حيال موعده ونتائج تحاليله ويستطيع مراسلة طبيبه عبر البريد الإلكتروني للاستفسار عن بعض الأمور الصحية ولمن لا يعرف استخدام الانترنت فإن بالإمكان الاتصال على الهاتف المجاني لحجز المواعيد. وإذا قدر له الانتظار فإن وقت انتظاره حافل بالفائدة فعيادة الأطفال مثلا تعني أن الطفل سيجد مكانا للهو أو الاستمتاع ببرنامج كرتوني وسيجد ولي أمره الفرصة لقراءة المجلات الصحية وإرشادات التوعية الصحية. وكما أن احترام وقت المريض واجب فإن احترام وقت المستشفى ووقت الأطباء أكثر وجوبا ولذلك فإن تغيب المريض عن موعده بدون تقديم طلب تأجيل قبل الموعد بأربع وعشرين ساعة يعني أن المريض سيدفع فاتورة الكشف أو على الأقل غرامة لتأخره أو عدم حضوره، والمستشفيات العامة تستطيع ضبط عملية التغيب أو التأخير بقرارات رادعة كمخاطبة المرجع في حالة مستشفيات القطاع الحكومية أو لفت نظر وتأخير الموعد الغير اضطراري في المستشفيات الأخرى. وبين هذه وتلك فإن علينا احترام نعمة الوقت التي بإمكاننا بقليل من الجهد والتنسيق الإداري والتقني في جدولة المواعيد أن نصونها ونصون مشاعر المرضى ونقيهم قلق الانتظار. إضافة في الوقت الضائع: بعد كتابة هذا المقال اضطررت للانتظار ساعتين ونصف لإنهاء إجراءات بنكية بسيطة في بنك حديث النشأة صرف الأموال الطائلة على الترويج لمعاملته المتميزة؛ عندها أيقنت أن كل من ذكروا قبل الإضافة معذورون، فالأزمة ليست أزمة مستشفيات وإنما أزمة مجتمع. [email protected]