دول الغرب تعيش الآن بداية ثورة في العناية الصحية، يقال: اذا اردت ان تختار جراحاً لإجراء عملية لقريب لك فعليك ان تسأل طبيب التخدير فهو على الدوام حاضراً كالظل للجراح وباستطاعته تقييم ثبات يد الجراح ومهارته وسرعته ومهارة الفريق الطبي الذي يعمل معه ويخبرك اذا كان المريض يخرج من العمليات وهو على قيد الحياة ام لا؟؟ لكن هل يستطيع المرضى او ذووهم الذين يرغبون في الحصول على هذه المعلومة الاتصال بأطباء التخدير للحصول على هذه المعلومات الداخلية والمهمة ؟؟ لا والف لا، وهنا المشكلة.. فعندما يقول القادة السياسيون ان» للمريض الحق في الاختيار» فكيف يختار المريض اذا لم يحصل على المعلومة التي تساعده في الاختيار؟؟ في بريطانيا ومنذ ابريل 2009 اصبح للمواطن الحق في اختيار المستشفى الذي يرغب العلاج فيه سواء كان حكومياً او خاصاً، وله الحق في اختيار الطبيب الاستشاري الذي يرغب في ان يعالجه ليحصل على العلاج الأفضل لذلك يتحتم على السلطات الصحية قبل ان تعطي المريض الحق في الاختيار ان توفر له مصدراً موثوقاً يحتوي على جميع المعلومات اللازمة وإلا فكيف يستفيد من حقه المشروع له باختيار المستشفى والاستشاري الذي يرغبه. وهذا ما فعلته السلطات الصحية في بريطانيا، فلقد وضعت السلطات الصحية البريطانية على موقعها على الشبكة العنكبوتية جميع ما يحتاجه المريض من معلومات صحية وركّزت على اختيار المريض للخدمات فأصبح بإمكان المريض ان يقارن بين المستشفيات بل ويجد ترتيب المستشفيات من حيث جودة الخدمات الطبية المقدّمة من خلال معايير الجودة المعروفة ويقارن ايضاً بين خطط العلاج المقدّمة في المستشفيات المختلفة وكذلك يستطيع معرفة المواقع الجغرافية للمستشفيات التي تقع خارج منطقته، وان يحصل على النصائح الطبية المتعلقة بالغذاء واسلوب العيش المناسب لحالته المرضية ويستطيع من الموقع الدخول على موقع المساعدة للحصول على الخدمات الاجتماعية ويستطيع ان يكون على اطلاع مستمر بالتطوّرات في المجال الذي يهمه او المرض الذي يعاني منه من خلال التسجيل لتلقي النشرات الاخبارية الالكترونية المنتظمة. وهناك العديد من المصادر الاخرى الالكترونية التي يستطيع فيها المريض وطبيبه العام ان يبحثا فيها ليجدا المكان والطبيب المناسب لعلاج المريض. النظام الصحي البريطاني وضع الطبيب العام في موقع «حجر الاساس» في إحالة المرضى الى المستشفيات فكل مواطن يجب ان يسجّل مع الطبيب العام والتحويل للمستشفيات يتم من خلاله باستثناء الذهاب الى اقسام الطوارئ في المستشفيات او زيارة عيادات الامراض الجنسية فلا يستلزم احالة من الطبيب العام لذلك.. فالطبيب العام هو ادرى الناس بنظام الاحالات ولديه المعلومات اولاً بأول عن خدمات المستشفيات بل قد تجد لدى بعض الاطباء سكرتيرات ومتطوّعات لتزويد المريض بكل ما يحتاجه من معلومات ليبحث ويقرر اين ومع من يريد ان يتلقى علاجه، وفي بعض المناطق الصحية تم الاتفاق بين عدد من الاطباء العامين في عيادات مختلفة بانشاء مركز يتولى الاحالات الى المستشفيات المختلفة. في بريطانيا تتم احالة تسعة ملايين حالة غير عاجلة للمستشفيات في الخدمات الصحية الوطنية وتم انشاء نظام احالات الكتروني يُدعى «اختر واحجز» من خلاله يتم اختيار المستشفى ويتم حجز الموعد مع الاستشاري ويتيح هذا البرنامج الالكتروني الوطني اختيار المكان والتاريخ ووقت الزيارة الاولى وانت في عيادة الطبيب العام او لاحقاً من خلال الاتصال التليفوني بالمستشفى المطلوب او من خلال الدخول من منزلك الى نظام «اختر واحجز» بعد تزويدك بكلمة المرور الخاصة بك من قبل الطبيب العام.. الشيء المهم في النظام الصحي البريطاني وتفتقده الدول الاخرى هو ان النظام ضمن حق المريض في تغيير مكان علاجه، وحقه في تغيير طبيبه المعالج، وحقه في طلب رأي طبي آخر.. فياليت قومي يعلمون. الكثير من الاطباء البريطانيين ليسوا مع قرار السياسيين بإعطاء المريض الحق في اختيار مكان ومع من يتعالجون فهم يتهمون الحكومة بأنها في اتخاذها هذا القرار جعلت المستشفيات تتنافس تنافساً غير شريف وتقف ضد بعضها البعض ووضع المستشفى الخاسر في وضع مالي خطر علاوة على تثبيط الهمم والروح المعنوية لدى العاملين فيه وبذلك تفقد الخدمات الوطنية الصحية اتزانها.. فإما مستشفيات قوية منافسة وإما ضعيفة خاسرة.. لكن السياسيين والمديرين الصحيين يرون ان هذا غير صحيح، فالمنافسة صحية في كل الاحوال، ونقلاً عن الاحصائيات فإن هناك عدداً محدوداً جداً من المرضى لا يتجاوزون ال5% يفضلون الذهاب الى مستشفيات بعيداً عن مقر إقاماتهم وهذه النسبة البسيطة تذهب للمستشفيات البعيدة عن مقرّ اقاماتهم فقط للحالات الصعبة وغير العادية. النظام الصحي البريطاني سمح للمستشفيات المختلفة بأن تعلن عن خدماتها لكن ضمن أطر محدّدة لا يمكن تجاوزها ليتمكّن المريض من الاطلاع عليها من خلال مختلف وسائل الاعلام، من هذه الاطر المحددة يسمح له الاعلان عن عدة عوامل مثل مدة الانتظار قبل الحصول على موعد جديد، نتائج العمليات الجراحية، معدّل عدوى المستشفيات، نشر شهادات من المشاهير او من كبار الاطباء في المجالات المختلفة شريطة ان تكون لهم تجارب مباشرة بالمستشفى المعلن، وألا يدفع لهم المال لإعطاء هذا الرأي. اما الشيء المهم في النظام الصحي البريطاني وتفتقده الدول الاخرى فهو ان النظام ضمن حق المريض في تغيير مكان علاجه وحقه في تغيير طبيبه المعالج وحقه في طلب رأي طبي آخر.. فيا ليت قومي يعلمون. [email protected]