العقل هو ميزة الإنسان عن باقي الكائنات الحية فمن طريقة وصلنا إلى هذا العصر.. عصر الاكتشافات والاختراعات. لقد حاك الإنسان بأفكاره الماضي ومن نسج كلماته أوصل بالشعر الموزون تاريخاً قديماً يحكي حكاية أناس عاشوا قبل آلاف السنين. وقد كانت له عدة محاولات لاختراع الوسائل التي تسهل عليه الأعمال وتختصر وقته. فمن محاكاته للطبيعة كتب على سعف الأشجار وأوراقها وصنع آلات يدوية ساعدته على أداء أعماله. وبعد ان تلاطمت أمواج أفكاره رست سفينته في هذا العصر.. عصر التكنولوجيا والمعلومات فأصبحت أعماله سهلة التنفيذ بسبب تطور الآلات التي وصل إليها عن طريق هذا العضو فلا عجب ان ذهب كثير من العلماء والباحثين منذ سنين لمحاولة اكتشاف هذا العضو ومعرفة درجة تعقيده. وآخر هذه الدراسات تقول ان فريق من العلماء في جامعة شيكاغو اكتشفوا دليلاً قوياً يثبت ان العقل البشري لا يزال في تطور مستمر بسبب وجود صبغتين وراثيتين تؤثران على حجم المخ، وذلك بعد مقارنة عقول البشر المعاصرين مع أسلافهم الذين عاشوا قبل 37 ألف عام. وقد أرجع هؤلاء العلماء وجود الصبغ الأول «الجيني» ل 50 ألف عاماً مضت، متزامناً مع ظهور الممارسات الدينية والأساليب المعقدة لصناعة الأدوات ويقول العلماء ان هذا الصبغ موجود عند 70٪ من البشر المعاصرين. أما الصبغ الثاني فقد تزامن مع انتشار الزراعة واستقرار البشر في المدن ومع أول تسجيل للغة مكتوبة. ويعتقد العلماء ان التغيير الذي طرأ على الصبغتين الوراثيتين لم يظهر سوى منذ 5800 عام، ورغم ذلك لا يزال موجوداً لدى 30٪ من البشر.وقال الدكتور الباحث بروس لأن: «السؤال الكبير هو إذا كان التطور الوراثي الذي حدث قد أسفر عن تطور ثقافة البشر أم أنها مجرد مصادفة؟!». وعند السؤال عن مدى تأثير هاتين الصبغتين على مستوى ذكاء الأشخاص وخصوصاً ان هناك مقولة تشير إلى ان كبر حجم المخ يدل على ذكاء صاحبه؟! أجاب الدكتور الباحث بروس لان: «ان استمرار هذين الصبغتين في التطور لا يعني بالضرورة أنهما يجعلان البشر أكثر ذكاء». وأضاف «دراساتنا تشير إلى ان العامل المحدد لخصائص تطور البشر - وهو نمو حجم المخ ودرجة تعقيده - لا يزال مستمراً». وبمتابعة هذه البحوث ستكون الخطوة القادمة محاولة تحديد الاختلافات الحيوية الناجمة عن هذه التغيرات في العوامل الوراثية.