أكد وزير الدولة البريطاني المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا كيم هاولز، أنّ المفاوضات بين بلاده والجزائر، بشأن ملف تسليم المطلوبين، «تتقدم بشكل جيد وقال المسؤول البريطاني في تصريح خص به «وكالة الأنباء الجزائرية»، ان حكومة بلير «مرتاحة» للجهود التي تبذلها الجزائر من أجل التعجيل بالتوصل إلى بروتوكول اتفاق مشترك يحدد كيفية تسليم المجرمين. وهو البروتوكول الذي من شأنه مثلما تشير تعاليق الخبراء أن يساعد في تجاوز الإشكالية المستعصية التي كانت تتخبط فيها الجزائر طيلة السنوات الماضية لاستلام رعاياها من الذين صدرت في حقهم أوامر دولية بالقبض عليهم من قبل محاكم جزائرية بالأخص أولئك المتورطين في أعمال إرهابية مثل قيادات الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا» بسبب أنها لا تربطها اتفاقيات ثنائية للتسليم والاستلام مع بريطانيا التي يوجد فوق أراضيها عدد كبير من رؤوس «الجيا» الذين يستفيدون من حق اللجوء السياسي وجلهم يتمتع بالجنسية البريطانية التي تحميهم من مثل هذه الملاحقات. وتأتي تصريحات كيم هاولز، التي من شأنها أن تفتح عهدا جديدا من التنسيق الأمني والاستخباراتي والقضائي بين البلدين على أبواب العام الجديد، بالأخص فيما يتعلق بملف تسليم المطلوبين الجزائريين لدى بريطانيا، في سياق الاستئناف الشامل للعلاقات الثنائية بين بريطانيا والجزائر التي عرفت دفعا جديدا منذ عودة بريتيش آرويز إلى مطار الجزائر الدولي في 2003 بعد هجرته العام 1994 على خلفية الوضع الأمني المتأزم في الجزائر، وتكرس أكثر بسلسلة الزيارات النوعية التي قادت مسؤولين بريطانيين إلى الجزائر خلال العام الماضي ومطلع هذا العام تتقدمهم كاتبة الدولة البريطانية للخارجية المكلفة بشؤون الشرق الأوسط والأمن الدولي البارونة سيمونس، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس العموم البريطاني دونالد أندرسون، ومن قبلهم رئيس منظمة الشرطة الدولية «أنتربول» جاكي سيليبي الذي عرض على السلطات الجزائرية المختصة مساعدة مصالحه للقبض على أكثر من 140 جزائرياً موضوع أمر دولي بالقبض، من بينهم 100 متابع في قضايا ذات صلة بالإرهاب، بناء على أوامر صادرة عن العدالة، سواء في الجزائر أو في بلدان أجنبية خاصة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وتونس. ولقد سبق لمصالح الشرطة الجنائية الدولية «أنتربول» أن نشرت في موقعها على شبكة الانترنت مؤخرا قائمة اسمية تضم عددا كبيرا من المطلوبين لديها ممن صدرت في حقهم أوامر دولية بالقبض عليهم بناء على ملاحقات قضائية صدرت من قبل دولهم أو الدول التي تورطوا فيها بأعمال تتعلق بالإرهاب أو التزوير أو المخدرات .. ويوجد من بين هؤلاء 14 جزائريا يجري حاليا البحث عنهم من قبل الجزائر مثل عبد المؤمن خليفة وعدد من الدول التي يتهمون فيها بالضلوع في أعمال إرهابية مثلما هو الشأن بالنسبة للجزائريين «داود أوحنان» و«أحمد بلفاطمي» اللذين يشتبه في تورطهما في التفجيرات التي هزت العاصمة الإسبانية مدريد 11 مارس الماضي . وكانت مصادر عليمة قالت ل«الرياض» فيما سبق بشأن الزيارة التي قامت بها كاتبة الدولة البريطانية للخارجية المكلفة بالشرق الأوسط والأمن الدولي، البارونة سايمونز، في 16 يناير الماضي، أن من شأنها التمهيد لتوقيع البلدين على اتفاقيات ثنائية للتسليم والإستلام، تفتح صفحة جديدة من التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الجزائر وبريطانيا، التي يوجد فوق أراضيها عدد كبير من رؤوس الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا» الذين صدرت في حقهم أوامر دولية بالقبض عليهم من قبل محاكم جزائرية بالأخص أولئك المتورطين في أعمال إرهابية لكنهم يستفيدون من حق اللجوء السياسي، وجلهم يتمتع بالجنسية البريطانية التي تحميهم من الملاحقات القضائية . وكانت ماتلاند أولقا، ممثلة غرفة النواب البريطانية، رئيسة منتدى الدفاع والأمن، كشفت خلال زيارة لها قادتها إلى الجزائر مطلع العام 2005، أن السلطات البريطانية ألقت القبض العام 2002 على 12 جزائريا متهما في قضايا الإرهاب، يوجدون حاليا بسجن بلماش، وأن إجراءات لتسليمهم إلى الجزائر يجري التحضير لها فور الانتهاء من محاكمتهم تنفيذا لرغبة بريطانيا في مساعدة الجزائر على القضاء على الإرهاب. ويتزامن الحديث عن إيجابية المفاوضات الجارية حاليا بين الجزائر وبريطانيا بشأن ملف المطلوبين وتسليم المجرمين، مع التدابير القانونية الجديدة التي أقرتها وثيقة الميثاق من أجل السلم والمصالحة الذي حظيت بتزكية واسعة في الاستفتاء الشعبي للتاسع والعشرين من سبتمبر الماضي، وهي التدابير التي تعيد النظر في الأحكام التي صدرت في حق مئات الإرهابيين الذين يوجدون داخل السجون الجزائرية أو في الجبال أو خارج الوطن ممن هربوا من وجه العدالة أو اختاروا المنافي، ونشطاء الجبهة المحلة الموجودين خارج الوطن من الراغبين في تسليم أنفسهم للسلطات المختصة، فضلا عن جميع من أصدرت في حقهم العدالة الجزائرية أحكاما غيابية بالسجن لعلاقاتهم بمآسي العشرية السوداء.