في وقفة إنسانية رائعة تتسابق الدول - حكومات وشعوباً ومنظمات - على تقديم الدعم إلى منكوبي فيضانات وزلازل التسونامي في منطقة جنوب شرق آسيا. أينما أدرت مؤشر الراديو، أو تجولت في مواقع الإنترنت، أو طالعت في الصحف وقنوات التلفزيون تجد من يناشدك للتبرع لضحايا الفيضانات، كل الجهود تبدو مسخرة لمساعدة ضحايا الفيضانات. شعوب أوروبا وآسيا وأفريقيا والأمريكيتين وأستراليا ومعظم حكومات العالم ومنظمات الإغاثة جميعها تتبرع بسخاء لإغاثة ملايين الناس في المناطق المنكوبة، إنها وقفة مؤثرة تكشف أجمل ما يحمله البشر من نوازع الخير رغم كل الشرور التي يحفل بها العالم! في مثل هذه المواقف المؤثرة لا يملك الإنسان إلا أن يتساءل: ماذا لو سخر البشر إماكاناتهم دائماً لدعم الخير والوقوف إلى جانبه بدلاً من الشر والحروب والإرهاب!؟ ماذا لو خصصت حكومات العالم جزءاً بسيطاً من ميزانياتها العسكرية لمساعدة المحتاجين في جميع أنحاء العالم بدلاً من إنفاقها على الحروب والنزاعات العسكرية!؟ مأساة التسونامي يصعب وصفها من خلال الكلمات .. فعدد القتلى بلغ عشرات الآلاف ولا زال يتصاعد يوماً بعد يوم، وعدد المنكوبين الذين فقدوا بيوتهم وأقاربهم وأصدقاءهم ومعارفهم يقدر بالملايين .. فهذا الزلزال الذي يعد أقوى وأعنف زلزال يضرب الكرة الأرضية منذ عام 4691م ترك آثاراً مدمرة، وستحتاج المناطق المنكوبة إلى سنوات طويلة كي تتجاوز هذه الآثار المدمرة. وقذ ذكر بعض المحللين أن هذا الزلزال قد دمر جهود عشرين سنة من التنمية في بعض المناطق المنكوبة! كل هذه الآثار الفادحة والمأساوية التي تركها الزلزال التسونامي تجعلنا ندرك أسباب الوقفة الرائعة التي وقفتها شعوب وحكومات العالم ومنظماته. ومع ذلك فإنه من الغريب أن يغيب عن أذهان الكثيرين أن العالم مليء بالمآسي حتى بدون زلزال التسونامي .. فعدد الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم وينامون كل ليلة وهم جوعى يصل إلى عشرات الملايين .. وعدد الذين بلا مأوى، والذين يعانون من الأمراض، والمشردين، وضحايا الحروب أيضاً يصل إلى مئات الملايين .. وهذه الأرقام ليست جزافية فهي موثقة وموجودة لدى المنظمات الخيرية الدولية .. ومع ذلك لايكترث أحد لهذه المآسي الإنسانية! لازال فائض الإنتاج الغذائي في بعض أنحاء العالم يتم التخلص منه لكي لا تهبط الأسعار وتنخفض أرباح المنتجين .. ولا زالت التكنولوجيا تسخر لإنتاج وسائل التدمير بدلاً من إنتاج الأدوية والأطعمة .. فلماذا لا يهب العالم لمساعدة فقراء العالم الذين يعيشون حياة بائسة!؟ أرجو أن لا يحتاج العالم دائماً إلى مأساة بحجم زلازل وفيضانات التسونامي كي يتذكر أن هناك مئات الملايين من البؤساء في أركان الكرة الأرضية ممن هم في أمس الحاجة إلى المساعدة! تسونامي حالة صارخة .. لكن البؤس والمآسي موجودة قبل وبعد تسونامي.