استمراراً لجهود الخصخصة شهدت السوق السعودية مؤخراً طرح 7ملايين سهم من حصة الدولة في شركة التعاونية للتأمين للاكتتاب بسعر 205ريالات للسهم الواحد بحيث تكون علاوة الإصدار 155ريالاً والسعر الاسمي للسهم 50ريالاً. وقبل ذلك تم طرح 30% من أسهم شركة الاتصالات بسعر 175ريالاً منها 50ريالاً كسعر اسمي للسهم و 125ريالاً كعلاوة إصدار. وسأتجنب الحديث عن فارق التقييم في علاوة الإصدار رغم أن شركة الاتصالات تعمل ضمن قطاع أكثر ربحية وبنسبة تقل عن قطاع التأمين وأيضاً لا ننسى الفرق بحجم الأصول بين الشركتين. والكل يعلم بأن حكومتنا الرشيدة تهدف لتشجيع أصحاب المدخرات الصغيرة من المواطنين على تنمية رؤوس أموالهم من خلال طرح أسهم القطاع العام بأسعار تشجيعية وعبر اكتتابات عامة يشارك بها أفراد المجتمع. لذلك أعتقد أن الهدف الرئيسي من وراء بيع ملكية الدولة في مؤسسات القطاع العام ليس فقط الحصول على مردود مالي بل هو لترسيخ مبدأ التنمية الشاملة وفتح قنوات استثمارية جديدة أمام القطاع الخاص. ولكي نصل لتلك الأهداف يجب أن نعيد النظر بالخطوات التي تسبق كل عملية اكتتاب أو طرح أسهم جديدة على المستثمرين في سوق المال السعودي. فمن الواضح أن الطريقة الحالية تسمح لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة أو الذين يحصلون على معاملة خاصة من البنوك في الاستحواذ على أكبر عدد من الأسهم المطروحة. وبدون الحاجة للخوض بتفاصيل من المعروف أن أغلب أسهم شركة الاتصالات تتركز ملكيتها بأيدي عدد قليل من كبار المستثمرين فهناك من يرى أن التسهيلات المصرفية وشراء الأسماء أثناء عمليات الاكتتاب تحرم صغار المدخرين من الحصول على فرص استثمار عادلة. أيضاً يجب القول بأن تجميع الأسهم قد يحصل بعد الانتهاء من عملية الاكتتاب وأثناء تداول السهم الجديد في السوق وهذا شيء مقبول ولا أحد يستطيع ملامة كبار المستثمرين أو منع صغار المكتتبين من البيع. ولكن المهم أن تكون عمليات الاكتتاب مدروسة فعلى سبيل المثال تكرر إحجام صغار المستثمرين عن المشاركة في بداية كل من اكتتاب شركة الاتصالات وشركة التعاونية لسببين رئيسيين هما ارتفاع السعر وتعمد البعض بث إشاعات تركز على عدم توافق عمليات الاكتتاب مع الشريعة الإسلامية. لهذا تجد أن تغطية الاكتتابات المذكورة تمت في اللحظات أو الساعات الأخيرة قبل نهاية فترة الاكتتاب أي بعد صدور الفتاوى وحصول كبار المستثمرين على التسهيلات اللازمة. وبما أن سوق الأسهم السعودية بحاجة لدخول مزيد من الشركات وإدراج أسهم إضافية خاصة من أسهم التخصيص اقترح أن يتم التوقف عن طرح أسهم الدولة إلى حين قيام إدارة السوق بتجزئة الأسهم المدرجة لكي تصبح الأسعار بمتناول الجميع. أضف إلى ذلك وجود هيئات شرعية بداخل جميع البنوك قادرة على تقييم مدى شرعية أي استثمار يتم طرحه في السوق مما يجعلنا نطالب بتحديد وجهة نظر تلك اللجان قبل البدء الفعلي بعمليات الاكتتاب لكي لا يتم استغلال جهل بعض صغار المستثمرين.