يبدو أن بعض الجهات الحكومية الخدمية لاتزال تؤدي عملها ومسؤوليتها بشيء من الارتجالية والتناقض وبمعنى أصح أن آلية العمل فيها لاتزال تسير بالبركة. وطوارئ المياه.. والصيانة في المياه.. من الجهات الخدمية وللتان تؤديان عملاً يناقض أو يخالف الشعارات الجميلة التي تطلقها وزارة المياه والكهرباء يومياً بهدف الترشيد في استهلاك الماء وظلت تطلب من المواطنين التعاون معها في عملية الترشيد بحكم أن المياه ثروة وطنية يجب المحافظة على استخدامها. لذلك ظل جزء من العمل الذي يؤدى في طوارئ المياه وفي الصيانة يناقض مثل هذه التوجيهات التي تبنى أساساً على كسب ثقة المواطن واحترامه ومن ثم كسب تعاونه الدائم.. لذلك تمثلت هذه التناقضات في ممارسات سلبية كان الجميع يتوقع انها ممارسات أو أخطاء قد انتهت منذ زمن في ظل الإمكانات وفي ظل التطور الذي أصبحت تتنافس على تقديمه كافة أجهزة الخدمات الحكومية في شتى المجالات الأخرى. لكن بعض العاملين في طوارئ المياه وفي الصيانة يبدو أنهم لا يقدرون مدى الحاجة إلى الثقة في المواطن ولذلك استمرت هاتان الجهتان في ممارسة الأخطاء والسلبيات والإهمال واللامبالاة التي يقوم بها فئة من العاملين والفنيين والمعنيين في صيانة المياه وفي الطوارئ سواءً كانوا من منسوبي الوزارة أو من قبل الجهات الرسمية الموكل إليها إنفاذ هذه المهام. فما يحصل أن المواطن إذا تعاون في تقديم بلاغ إلى طوارئ المياه عن تسرب ماء في الشارع بسبب كسر في الشبكة أو في بسبب خلل في عداد أحد المنازل فان فرقة الطوارئ تسارع في إرسال مندوب تنحصر مسؤوليته فقط في «إقفال» محبس الماء المغذي إلى منطقة التسرب.. ومن ثم ينصرف هذا المندوب إلى غير رجعة !! لذلك تبقى خدمة الماء متوقفة عن هذا الشارع وعن كافة المنازل لأيام غير معروفة لعدة أيام أو لأسابيع وذلك يعود إلى أن الجهة المعنية بإصلاح الخلل ليست هي الطوارئ «التي أقفلت الماء» بل الجهة المعنية هي الصيانة.. وما بين الصيانة والطوارئ يضيع المواطن وتضيع المسؤولية لعدة أيام أو لأسابيع مهما كانت متابعة السكان لهذه المشكلة.. وهنا يتضح للمتابع أن مسؤولية الطوارئ تنحصر فقط في عملية القفل والفتح وما بينهما وهي عملية الحفر ثم الإصلاح وثم الردم ومن ثم السفلتة هي من مسؤولية قسم الصيانة وهذه الاعمال تتم في مراحل قد تأخذ كل مرحلة وقتاً طويلاً.. وهنا لب المشكلة الرئيسية.. وطبعاً الصيانة في هذه الحالة توكل أمرها إلى المقاول والمقاول لا يعنيه ولا يهمه ظروف المواطنين سواء توقفت عنهم الماء يوما أو أسبوعاً أو حتى شهراً فهو غير معني بذلك ومتى ما تكرم المقاول ونجح في عملية الإصلاح في المرة الأولى مع الأخذ في الاعتبار أن عملية الإصلاح قد تتطلب التكرار بسبب عدم حل المشكلة الفنية في المرة السابقة وهنا تغيب الرقابة كلياً عن مستوى وعن كفاءة عملية الإصلاح وعن وقتها وعن مدتها وعن مستوى اكتمالها بالدرجة المثلى !! وإذا ماتم الإصلاح فان عملية فتح الماء تأخذ إجراءات أخرى تتمثل في إبلاغ الطوارئ من قبل الصيانة أو من قبل المقاول أو من قبل المواطنين حتى يتكرم مندوب الطوارئ مشكوراً بالشخوص إلى الموقع وفتح الماء وعندها يكون السكان محظوظين إذا كان الإصلاح ناجحاً في هذه المرة !! هذا مع ملاحظة أنه إذا نجحت عملية إصلاح العطل فان من المؤكد أن عملية الردم قد تبقى مدة طويلة بدون سفلتة مما يؤكد وجود إهمال آخر من المقاول وانعدام المتابعة والرقابة من قبل الجهات المعنية في الصيانة على أداء المقاولين. لذلك قد يلوم كثير من المواطنين أنفسهم عندما يرون أنهم يتسرعون في عملية الإبلاغ إذا كان تعاونهم هذا يقابله إهمال من الجهة المعنية أو خدمة رديئة وبطيئة ومتعبة وبالتالي تتم معاقبتهم بحرمانهم من الماء لأيام طويلة.. رغم تكرار مشقتهم في متابعة الموضوع وعلى الرغم أن ذلك ليس من مسؤوليتهم ولكن حاجتهم الماسة هي التي دفعت بهم مكرهين إلى الخضوع والتودد للعاملين في الصيانة والطوارئ من أجل سرعة إصلاح الخلل وامدادهم بالماء. هذه السلبية المتكررة للأسف أنها تصدر من جهة هي في أمس الحاجة إلى كسب رضى الجمهور والمواطنين.. وحسن التجاوب والتعامل خاصة ان مثل هذه الأمور هي العامل الأهم المشجع لهم على التعاون والترشيد في استخدام المياه. نتمنى من معالي وزير المياه والكهرباء إعطاء الموضوع الاهتمام والعناية المباشرة والدائمة وضرورة التأكيد المستمر الرسمي والشخصي بالاهتمام بمثل هذه المشكلة وخاصة صيانة الشبكة التي يتوجب على المسؤولين والعاملين فيها إعطاء الاحترام الكامل لمشاكل الصيانة واصلاح الخلل.. وكذلك الطوارئ التي يجب أن يرتقى دورها من مجرد قفل وفتح إلى متابعة واحترام مشكلة المواطن.. أيضاً ملاحظة ضعف التنسيق المفقود بين الجهة والذي لا يعرفه إلا من تعرض لهذه المشكلة.. هذه الملاحظة من المؤكد أنها ليست في الرياض فقط بل إنها قد تتكرر في مدن أخرى.. وكان من المفترض أن يكون قسم الطوارئ أكثر تعاملاً مع مثل هذه المشكلات وأن يكون أكبر جدية في حل هذه المشكلة بأسرع قدر ممكن وإذا كان هاتف الطوارئ معنياً باستقبال مثل هذه الشكاوى فان من الواجب أن تكون لديه صلاحيات وإمكانات أكثر لمواجهة هذه الملاحظات ومتابعة تنفيذها على الطبيعة. [email protected]