عجيب أمر بعض الرجال.. يتكلمون عن المرأة وكأنها كائن عاجر يحملونه ويضعونه. يوجهونه ويرسمون له خطة دربه طوال حياته.. وهي تنتظر منهم ذلك وإلا باتت طوال حياتها عاجزة عن كل عمل شرع لها القيام به. مسكين أيها الرجل إذا كنت تظن ذلك أو تعتقد أنها كذلك. ولا أظن أن كل الرجال ينظرون للمرأة بتلك النظرة ولا يطبقون حيثياتك تلك في الحياة وإلا لما تطورت الأمم ولما وصلت أنت إلى ماوصلت حيث قالوا وراء كل رجل عظيم امرأة وهي التي دفعته وشجعته وأعانته على نفسه في ذلك، لأنك قد تعتبر أن تلك المرأة ثقلاً أو كابوساً مزعج بالنسبة لك فتتصور بأنك ذلك الطائر السجين الذي فك قيده وانطلق بكل حريته حينما تكون وحدك أو برفقة زملائك ممن يشاركونك الرأي الذي تفكر به مقتنعاً به أنت ومن تجالس من دبابير المجتمع الذي يزن على خراب البيوت وليس عمارها. لا أقصد بذلك الإهانة أو الاستنقاص من شأن الرجال بل إن فيهم من لا يوزن بأغلى الجواهر والألماس وفيهم من يقل ومن يكثر.. وإنما مكانتكم ستظل محفوظة في نفوس نسائكم مادمتم لهن مشاركين في السراء والضراء معاً لا يلتفت أحدكم إلا ويرى الآخر بجانبه، وفي هذه الدنيا ربحت سياسة المقوله( كما تراني عزيزي أراك) ومن هنا تبدأ المشاكل حيث لانهاية وحين يستنقص أحدهم من شأن المرأة فعليه أن يتذكر بأن المرأة هي النصف الآخر للمجتمع أدت أدواراً عجز في تمثيلها الكثير ولم يستطع الرجل الاستغناء عنها ولا ملء فراغها بأشياء أخرى. لا أقصد بها أدواراً حديثة العهد.. بل لا وربي هي منذ أزمنة بعيدة تبدأ بزمن أمنا حواء مروراً بعصر الصحابيات الجليلات والمواقف التي يعجز عن ذكرها اللسان وتقف الأقلام حائرة بماذا تبدأ وإلى أين ستقف مذهولة من هول ما تكتب وما ستكتب وصولاً بعهدنا الآن وما يثلج به صدورنا بأنه أصبح للمرأة الدور الأكبر في التطوير والإعمار.. وهاهي المرأة السعودية تنافس النصف الآخر بكل شجاعة ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية فلم تنزع عنها حجابها ولم يقتل فيها حياؤها وما يزيدها احترام الطرف الآخر إلا سمواً ورفعة. ثم أنت أيها الرجل يامن أنجبتك امرأة وبحثت بعدما كبرت عن امرأة تشاركك الحياة وهذه المرأة أنجبت لك البنين والبنات،، أليس عليك حق من حملتك وأرضعتك وتألمت من أجلك.. سهرت.. كابدت.. رجلاً تزوج بامرأة تتحمل هي مثلما تتحمل أنت بل وأنها تتحمل أكثر مما تواجهه أنت خارج ذلك المنزل وتجاه ذلك المجتمع.. أعلم أنني لم أذكر شيئاً جديداً ولم أوضح لك شيئاً تجهله ولكن ربما كان كل ذلك أمامك ولكنك لا تراه أو لاتحس به لانك قد اعتدته قال تعالى:{وذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين} الآية. ولكن ما دفعني لكل ذلك هو أن بعض الرجال يصف المرأة بأنها ذلك الانسان الأناني الذي يريد كل شيء حوله له.. كيف وهي التي تعطي بلاحدود؟ لا أقول ذلك من وحي تفكيري ولا من قصة سمعتها ولم آتِ لأصبح المحامي أو المتحدث باسم نساء العالم ولا هي قصة من ضرب الخيال، بل لأنه قد وصفها أحد الكتاب بذلك الوصف ولقد استطرد ذلك الكاتب خاطرته واصفاً أتعس الرجال هم من يسكنون في قلوب نسائهم ويصف تلك الصفوة من الرجال بالغباء.. ربما لأنه لم يجد قلباً يحتويه وحباً ممن حوله من النساء على وجه الخصوص.. بسبب تلك النظرة القاصرة منه لهن..ويستطرد هذا الكاتب قوله بأن المرأة إذا أحبت الرجل وجب عليه أن يكون ذلك المتيم المأسور في حدودها لأنها تسعى بكل قواها إلى أن تسلبه حياته كلها وتسعى أن تستأثر منه بكل شيء فلا تبقى له شيئاً من حريته وأنها تريده أن يكون لها كما تريد هي وليس كما يريد هو.. أن النساء جميعهم وبإجماع وليس رأياً شخصياً لا يرضين لأنفسهن العيش مع ذلك الديكتاتوري الأناني ولامع ذلك الضعيف الإمعة الذي لا تستطيع أن تأمنه حتى على نفسها.. إن خير الأمور الوسط.. وإنه كما يحب الرجل المرأة أن تكون له فهي وبلا شك تريده أن يكون لها كذلك وبقدرما يعطيها من الاحترام والتقدير تعطيه هي أيضاً وأن يلتزم كل بما له وما عليه حتى نستطيع حل تلك المعادله الصعبة وتسير عجلة الحياة وبدون منازعات في الحقوق، فالإسلام قد حفظ للكل مكانته وبينها في كتابه العزيز، فعلينا جميعاً الوقوف عندها وتأملها وتطبيقها.. إن ذلك المقال كان رائعاً ويحمل نظريات واقعية في الحياة ولكن ما أثار فيّ الحمية نظريته السقيمة عن المرأة ولو كان هذا المقال من إنشاء امرأة وكانت تلك نظريتها للرجل أو حملت انتقاداً للرجل لواجهت مني نفس الانتقاد. فلماذا تتحامل المرأة على الرجل ولماذا يتحامل الرجل على المرأة بل وينسب كل منهم فشله إلى الآخر.. وفي الواقع أن كل منهما مكمل للآخر. ألا يمكن أن تكون تلك النظريات من اصطناع الطرفين لكسر الروتين وبالتالي يتذوق كلاهما حلاوة الانتصار على الآخر.. الله أعلم..