بغض النظر عن تأثيرها السلبي على الصحافة المطبوعة والقنوات التلفزيونية، باتت الصحافة الإلكترونية خيار الصحفيين العاطلين عن العمل أو المختلفين مع أصحاب الصحف الكبيرة ، فيلجأ كل من لديه شيء من الخبرة الصحفية وبعض الأصدقاء ممن لهم إلمام بالتعامل مع الحاسوب إلى إصدار صحيفة إلكترونية ، ليستقبل بعد ذلك سيل الإعلانات التجارية بأرخص الأسعار. الصحيفة الإلكترونية لا تحتاج كما يقول أهل الخبرة إلا لعدد من أجهزة الحاسوب القوية وعدد محدود من العاملين عليها. والمواد والنصوص موجودة ولا تحتاج إلا للنسخ واللصق مما هو جاهز من الصحف والمجلات. رئيس مجلس الصحافة التركية أوقطاي أكشي ، الذي أعلنت إحدى الصحف الإلكترونية عن وفاته وتبين بعد ذلك أنه خبر مختلق من أساسه، وصف عملية النسخ واللصق هذه بأنها سرقة فاضحة، وأن سرقة مقال أو تحليل لصحفي صرف الثمين من وقته لكتابته لا تختلف عن سرقة بيت أو بنك، فالسارق كما قال يسحب الفلوس، وهذا يسحب المقال. أما بالنسبة للقنوات التلفزيونية وخاصة ما يتبع منها القطاع الخاص فقد كادت تسحب يدها من الأخبار السياسية والأحداث العالمية نهائيا وتلجأ إلى أخبار المجتمع والفنانين ، وما يعرف في أوساط الصحافة بأخبار «الماغازين» وهذه الأخبار لم تعد تحتاج إلى عناء كبير، فحوادث المرور كثيرة ، كما أن أخبار الزواج والطلاق، وجرائم الشرف وتهريب المخدرات من الكثرة بحيث تستغرق نشرات الأخبار من هذا النوع أكثر من ساعة، وبقية الأوقات يملأها الفنانون من مطربين ومقدمي برامج، فهم يتنقلون من قناة إلى أخرى بحثا عن مصدر وافر للرزق. وإزاء هذا التشرذم الإعلامي لم يبق أمام الصحافة المكتوبة إلا المزيد من تخفيض أسعارها لكسب القراء والحصول على الإعلانات التجارية الرسمية منها والخاصة ، أو الانضمام إلى المجموعات الإعلامية التي تملكها مجموعات اقتصادية عملاقة، وتصبح بذلك أداة بيد أصحاب هذه المجموعات كوسيلة ضغط على الحكومات، أو تشكيل رأي عام في أي مسألة سياسية أو اقتصادية أو أي مشكلة يواجهها المجتمع التركي.