مهما تطورت هندسة الأسواق، ومهما تفنن المهندسون في إبداع تصاميم المراكز التجارية، فإن بائعات المباسط، سيسجلن حضوراً، بشكل أو بآخر. وإن كان البعض يرى في هذه الظاهرة تخلفاً حضارياً، فلأنهم لا يفكرون خارج حدود أموالهم الوفيرة، وبيوتهم الفاخرة. هم لا يشعرون بعذابات هؤلاء البائعات، اللواتي يبسطن منذ الصباح، وحتى أواخر الليل، بحثاً عن رزقهن ورزق من يعلن .. هم لا يحسون بصراع تلك الأرملة العجوز مع الحياة، أو تلك المطلقة مع متطلبات أبنائها وبناتها. إن هؤلاء السيدات الشريفات، بائعات المباسط، هن نتاج مجتمعنا. إنهن ضحية لقسوة الحياة ومرارتها. هن لسن متوسلات، بل مناضلات من أجل الكسب الحلال. ومع ذلك، نضيّق عليهن الخناق، بدعوى أنهن يشوهن المنظر العام. أفي البحث عن لقمة العيش بشرف، تشويه؟!! لماذا لا ينهض أصحاب فكرة التشويه، لتأسيس كيان يتلمس احتياجات هؤلاء المعدمات، ويضمن لهن حياة هانئة، لا ذل فيها لأحد؟!! لماذا لا يتكرم أصحاب هذه الفكرة، بأن يتخيلوا، مجرد خيال، بأنهم يبسطون طيلة النهار والليل، تحت الشمس أو في عز البرد، دون ان يحصلوا على ريال واحد، يطعمون به أنفسهم ومن يعيلون، ولنرَ بعد ذلك، هل سيظلون يؤمنون بنفس الفكرة؟!!