أواصل الكتابة في موضوع تعليم التخصصات الصحية أو الطبية المساعدة أو الطبية التطبيقية، مبتدئاً بالتذكير بأنني أبحث طرح رؤية استراتيجية عامة للتعليم الصحي وما استخدامي لبعض الامثلة من هنا وهناك إلا بغرض إيضاح الفكرة المراد طرحها، مع التذكير بأنه يوجد حالياً العديد من كليات العلوم الطبية التابعة للجامعات وفي الطريق الى افتتاح المزيد منها كما توجد ثلاث عشرة كلية صحية تتبع وزارة الصحة، كما توجد العديد من كليات التمريض والكليات والمعاهد الصحية الاخرى الحكومية والأهلية... إحدى الصعوبات التي نعانيها في تدريس التخصصات الصحية هو عدم توفر مدربين يساهمون في العملية التدريبية، حيث تطرح وظائف لحملة الدكتوراه على مختلف المراتب الاكاديمية، لكن لا تطرح، بل ولايعترف بوظائف مدربين، وفي ذلك عدم تقدير لطبيعة تخصصات العلوم الصحية واختلافها عن بقية الكليات، رغم أن وظائف المدربين على درجة الماجستير أو البكالوريس أدنى كلفة من وظائف اعضاء هيئة التدريس. بعض الكليات تلجأ لتعيين مدربين على مسميات وظائف فنيين، وهي تتجاوز المأزق الاداري لكنها تضر بالعملية التدريبية حين تعين فنيين دون المستوى المطلوب (الفني يحمل درجة دون البكالوريس في الغالب). طبعاً التعليم الجامعي حتماً بحاجة الى أعضاء هيئة تدريس من حملة الدكتوراه، لكنه أيضاً بحاجة الى مدربين بجانب أولئك الأعضاء ذوي خبرة مناسبة في مجال التدريب العملي والسريري. البدائل المتوفرة والمفترض تبنيها بشكل قوي بكليات العلوم الصحية والطبية تتمثل في الاستعانة بمدربين متعاونين من المستشفيات المختلفة (مدرب سريري) لكن الاشكالية هنا تكمن في أنظمة التعليم العالي التي تحد من هذا التوجه بعدم تبنيها تعيين مدربين سريرين من خارج الجامعة وإصرارها على ان يكون المتعاون من خارج الجامعة على رتبة أكاديمية كمتعاون، والصعوبة هنا أن عضو هيئة التدريس المتعاون يجب أن تنطبق عليه شروط عضو هيئة التدريس المتفرغ من ناحية المؤهل (يحمل شهادة دكتوراه على الأقل ليصبح أستاذاً مساعداً متعاوناً) وهو ما لا ينطبق على المدربين المعنيين هنا. عدا كون مسؤولي الجامعات لدينا، بما فيهم عمداء الكليات الصحية والطبية، لديهم تردد كبير، يصل مرحلة الشح، في منح الألقاب الأكاديمية الشرفية لاعضاء من خارج الجامعات، لأسباب لا أريد الخوض فيها هنا، لكنني أؤكد أن غالبيتها لاتحمل المبررات العلمية الكافية...! اقترح على كليات العلوم الطبية والصحية استحداث مسميات وظائف تدريبية كمدرب سريري سواء متفرغ أو متعاون، وهي بالمناسبة متعارف عليها عالمياً في المجالات الصحية وأحياناً لا تكلف الكليات والجامعات الكثير حيث يكتفى فيها بمنح اللقب المعنوي للمدرب السريري الذي يتولى تدريب الطلاب بمحل عمله ومؤسسته الصحية. يمكن هنا، كحل عاجل، تحوير أو استخدام وظائف مساعدي الباحثين أو المدرسين لسد الثغرة التوظيفية في هذا الشأن. هذا التوجه سيزيد من فاعلية التدريب وسَيَفْتَح مزيداًمن الأماكن للتدريب وبالتالي يسهم في تطوير والتوسع في التعليم الصحي بشكل حديث وفق الأساليب التعليمية الحديثة في تدريس العلوم الصحية...