أعود للكتابة عن التعليم في التخصصات الصحية، حيث تطرقت في مقالات سابقة إلى التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والخدماتية وحتمية ذلك التعاون وحول طبيعة التخصصات الصحية والصعوبات التي تواجهها. من ضمن الإشكاليات التي ركزت عليها في المقالات السابقة موضوع التدريب السريري وضعفه بصفة عامة على مستوى الكليات الصحية والطبية التطبيقية، وأحد مسببات هذا الضعف هو عدم وجود الأماكن المناسبة للتدريب، وأول الأماكن المفترضة هنا هو المستشفيات الجامعية، فكيف وهو مستشفى جامعي، ولا يؤازر، أو تعاني منه كلية العلوم الطبية التابعة للجامعة نفسها؟ بكل أسف المستشفيات الجامعية لا ترى نفسها ولا تراها إدارات الجامعات سوى مستشفيات كليات طب، وبالتالي فتسميتها مستشفيات جامعية يعد تجاوزاً.. لقد كان أمراً طبيعياً أن تتبع تلك المستشفيات كليات الطب في بداية إنشائها حيث كانت جميع التخصصات الطبية تتبع الطب، لكن مادمنا نتحدث عن كليات أخرى بالجامعة، فمن الأولى أن يخدم المستشفى الجامعي جميع الكليات ذات العلاقة؛ العلوم الطبية، طب الأسنان، الصيدلة، إدارة المستشفيات، العلوم، إلخ. ولن يحدث هذا وكلية الطب هي التي تديره فقط، دون تمثيل إداري مناسب من الكليات الأخرى. إن علاقة كليات العلوم الطبية والصحية، مجال بحثنا هذا، بالمستشفيات الجامعية وبالمستشفيات الأخرى بحاجة إلى إعادة نظر، كحل عملي يغني عن التوجه إلى إنشاء عيادات أو مستشفيات خاصة بتلك الكليات، أسوة بما قامت به كليات طب الاسنان، التي أضطرت للخروج من عباءة المستشفيات الجامعية بإنشاء عيادتها الخاصة بها..! لقد أشرت إلى أن كليات العلوم الطبية وأقسامها تدار من قبل أعضاء هيئة تدريس من كليات أخرى ومن تخصصات أخرى والحجة في ذلك عدم وجود الكفاءات السعودية المؤهلة بتلك التخصصات وفرض النظام تعيين رؤساء ووكلاء وعمداء من المواطنين السعوديين. سأفترض صحة هذه الحجة، وأتساءل لماذا لا يوضع استثناء لكليات العلوم الطبية بحيث يسمح لها بتعيين رؤساء أقسام غير سعوديين، ريثما يتم تأهيل مواطنين في مجال التخصص؟ أو لماذا لا يستعان بمتخصصين من خارج الجامعات والكليات لإدارة تلك الاقسام، ريثما يتم تأهيل متخصصين في مجال التخصص؟ أليست الجامعة تعير منتسبيها للجهات الأخرى؟ ما المانع أن تستعير متخصصين من المستشفيات والمؤسسات ذات العلاقة، بشكل كامل أو جزئي؟ وجود رئيس قسم من خارج التخصص أدى إلى احد أمرين إما أن يظل مجرد صورة ويبقى الأجنبي هو المدير الخفي أو أن يحاول الرئيس فرض أرائه في تخصص لا يدرك تفاصيله بشكل كاف وبالتالي يتسبب في الضرر أحياناً بالتخصص أكثر من نفعه. ليس هناك إنتفاض من قدرات الآخرين، لكننا نتحدث عن تأسيس أو إدارة فنية لأقسام وتخصصات حديثة ذات مواصفات أكاديمية وتدريبية وفنية مختلفة عن غيرها من التخصصات حديثة ذات مواصفات أكاديمية وتدريبية وفنية مختلفة عن غيرها من التخصصات، ما يعني ضرورة أن تدار الأقسام الأكاديمية عن طريق متخصصين سواء كانوا غير سعوديين أم من كانوا من خارج الجامعة، ريثما تتم تهيئة الكوادر السعودية الأكاديمية المتخصصة.