يعتبر الملف الاقتصادي من الملفات التي من الضروري دراستها بصورة شاملة وما نتمناه من قيادتنا الحكيمة هوحل المشاكل التي تواجه البيئة الاستثمارية مثل تعقيدات الإجراءات والروتين والبيروقراطية التي تؤثر على أداء اقتصادنا سلباً لأن جذب الاستثمارات والأموال الوطنية واستقطاب مدخرات المواطنين يحتاج إلى ان تفتح آفاق استثمارية جديدة أمام تلك الأموال وذلك يتطلب اتخاذ إجراءات غير تقليدية لجذب مزيد من هذه الأموال والمدخرات وإنشاء أوعية استثمارية تستطيع احتواء هذه الأموال لأن هجرتها إلى الخارج هي خسارة واضحة للاقتصاد الوطني. إن هذا الملف الاقتصادي من الملفات المهمة على صعيد الاهتمام بجميع القطاعات المختلفة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سواء كانت هذه الملفات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها، ونتيجة للمستجدات الاقتصادية التي تشهدها المملكة - والمتمثلة في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وما يصاحب هذا الانضمام من بروز بعض المتغيرات كانفتاح السوق وحرية التجارة وغيرها أصبح الملف الاقتصادي من الأولويات التي يوليها خادم الحرمين الشريفين اهتماماً خاصاً لما لهذا الملف من آثار واضحة على المجتمع ككل. والراصد لبيئتنا الاقتصادية يجد ان بعض المستثمرين يواجهون كثرة وطول الإجراءات البيروقراطية والروتينية والتي هي عوامل تجعل المناخ الاقتصادي طارداً للاستثمارات المختلفة، كما ان الواقع الاستثماري يكشف بوضوح عن ضعف الحوافز الاستثمارية السعودية أو غياب الأوعية والمزايا والقنوات الاستثمارية التي تجذب مدخرات المواطنين، في حين تقدم بعض الدول المجاورة لهؤلاء المستثمرين تسهيلات كبيرة مثل سرعة الإجراءات الحكومية هناك، علاوة على وجود البيئة المنفتحة والمتمثلة في التواجد العالمي الكثيف في الدول الخليجية الأخرى، وسهولة حركة بعض قطاعات المجتمع الاستثماري ومحاولة البعض إيجاد موطئ قدم في هذه البيئة الاستثمارية والتي تجد تغطية إعلامية ضخمة بصورة أدت إلى انجذاب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم إليها وتأسيس الشركات والوكالات والمكاتب بها. ولعل عدد السعوديين الذين تقدموا للاكتتاب في أسهم شركة (دانة غاز) الإماراتية والذين بلغوا أكثر من 30 ألف مستثمر سعودي وتنافس المواطنين السعوديين الراغبين في الاكتتاب بشركة دانة غاز والوقوف داخل طوابير البنوك الإماراتية يعكس تعطشاً كبيراً لدى المواطنين للاكتتاب في أسهم الشركات السعودية والخليجية وهذا بلا شك يظهر مدى الحاجة الشديدة لطرح مزيد من الشركات والقنوات الاستثمارية الجديدة أمام المواطنين، بالإضافة إلى وضع أنظمة وبرامج وتشريعات جديدة تشجع المواطنين على استثمار مدخراتهم في قنوات ومشروعات استثمارية جديدة يتولد عنها المزيد من فرص العمل وتفتح المزيد من أبواب الربح خصوصاً لصغار المستثمرين، مما يعود بالنفع على اقتصادنا الوطني. لذا، آمل ان يحظى الملف الاقتصادي وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين وتذليل العقبات وإزالة كافة المعوقات باهتمام خاص من لدن حكومتنا الرشيدة لما عهد عنها من دعم وتشجيع لاستثماراتنا الوطنية لأن وجود الروتين والبيروقراطية في وسطنا الاقتصادي هي فيروسات تعرقل حركة التنمية الاقتصادية وتؤثر سلباً على حركة الاستثمارات القادمة إلينا وتساعد على هروب استثمارات ومدخرات المواطنين إلى الخارج يستفيد منها الآخرون دون استفادة حقيقية لاقتصادنا الوطني.. والسؤال المطروح هو هل يتم القضاء على فيروسات التنمية الاقتصادية خلال الفترة القادمة؟! * دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية