كنا فيما مضى ننتظر الميزانية قبل موعدها بوقت طويل ونرى أن غرة الأول من رجب بداية لآمال جديدة وهذا يعود إلى الطريقة البيروقراطية السلبية في إدارة الأعمال حيث يعطل بعض الوزراء ووكلاء الوزارات وحتى مديري العموم جميع المشاريع وجميع القرارات لحين صدور الميزانية، ويأتي هذا التعطيل قبل إعلان الميزانية بأكثر من ثلاثة أشهر... وبعض الوزراء من خلال إجراءات ادارية روتينية يرحّل بعض المشاريع إلى الميزانية القادمة تحت مبرر استكمال الاجراءات الشكلية وايفاء البيانات الروتينية فتتجمد المشاريع وترحّل إلى ميزانيات قادمة بحجة نقص البيانات والأوراق المتعلقة بها .. من أجل ذلك جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للوزراء وتحميلهم مسؤولية عدم تنفيذ مشروعات الميزانية العامة بأسرع وقت ممكن، وقال الملك عبدالله مخاطباً وزراء الخدمات وجميع أعضاء مجلس الوزراء: «أيها الاخوة المهم السرعة لأنه الآن لا يوجد عذر.. الآن ولله الحمد الخيرات كثيرة ولم يبق إلا التنفيذ، آمل منكم جميعاً تنفيذ ما جاء في هذه الخطة بأسرع وقت ممكن» «يوم أمس الثلاثاء جريدة الرياض». وإذا كانت الميزانية العامة تعد أضخم وأعلى ميزانية شهدتها المملكة في تاريخها فإن توجيه الملك عبدالله للوزراء بسرعة تنفيذ المشروعات وانه لا عذر لهم في عدم التنفيذ الدافع الأكبر للإنجاز والقفزة الحقيقية من مرحلة التباطؤ في إنجاز المشاريع وتحويل جميع بنود الميزانية من مجرد ورق وأرقام إلى واقع فعلي يستفيد منه المواطن ويتوافق مع الخطط الخمسية التي تعثرت بعض مشروعاتها وتم ترحيلها حتى وصل بعضها إلى حد الاختناق .. فالتأجيل الذي عرفته الوظائف قاد إلى ضمور في النماء الاجتماعي وإلى تكدس في أرقام البطالة لتصل الى نسبة عالية تهدد بخطر كبير وإفشال بعض الخطط التنموية التي رسمها المخططون.. وتأجيل تنفيذ مشروعات المباني المدرسية واستمرار ترحيلها وتأجيلها أدى إلى تزايد أعداد المدارس المستأجرة والتي أجهدت إيجاراتها ميزانية الدولة وميزانية التعليم حيث صرفت مبالغ كبيرة على المدارس المستأجرة كان الأولى أن تصرف لتنمية العملية التعليمية وتطوير التعليم.. كما أن المدارس المستأجرة أخرت خططاً تعليمية وتربوية بسبب عدم ملاءمة المبنى المدرسي.. وكذا تأجيل مشروعات إسكان صندوق التنمية العقاري والاسكان الشعبي وبرامج التنمية الاجتماعية ومشروعات الرعاية الصحية والمستشفيات والصرف الصحي وتصريف مياه السيول وغيرها .. وأدى ذلك التأخير إلى خلق أزمة السكن والغلاء الفاحش في قيمة الأراضي ووحدات الاسكان وجر ذلك معه المشاكل الاجتماعية والفقر وانخفاض مستوى التعليم والوعي والرعاية الصحية لدى أبناء المجتمع والمصنفين من فئة ما دون الطبقة الوسطى لتتسع طبقة الفقراء ويزيد الحديث عن سعوديين تحت خط الفقر.. وتفاقم العديد من المشكلات الاجتماعية والصحية للفرد السعودي.. الملك عبدالله قالها لجميع أعضاء مجلس الوزراء: لا عذر لكم في عدم سرعة تنفيذ المشروعات.. وهذا أبلغ رسالة وأوضح رسالة للوزراء الذين يغلّبون الاجراءات الروتينية والعمل البيروقراطي السلبي على الانجاز.. فإذا كانت بلادنا تتحمل فيما مضى بعض التأخير بسبب محدودية أعداد السكان والركود الاقتصادي العالمي إلا أن بلادنا في هذه المرحلة لا تتحمل التقاعس أو التراخي في تنفيذ الخطط والتعجيل في تنفيذ المشاريع لأن العالم يتحرك حولنا بسرعة والشعوب تتصارع وتراهن على مواردها البشرية والطبيعية والمجتمع الراكد وغير المتفاعل مع التنمية العالمية سيبقى في أسفل السلم وسيعيش على انجازات الآخرين ونحن ولله الحمد نملك الموارد الطبيعية والبشرية القادرة على دفعنا إلى مصاف الدول المتنافسة لكننا نحتاج إلى ادارة فاعلة والادارة حالياً بأيدي الوزراء فلا عذر لهم كما قالها الملك عبدالله بعد أن أعلن عن أضخم ميزانية في تاريخ المملكة..