نظراً لأهمية مرق غلي العظام أو شوربة العظام للصحة نورد هنا المزيد عنها وأفضل الطرق لإعدادها بعد أن وصلتني عدة استفسارات بهذا الشأن. لقد كان أجدادنا على دراية باستخدام العظام في طعامهم ليس لشوربة إنما كأساس للطبخ. فعندما كانوا يفتقرون إلى اللحم كانوا يطبخون العظام المتبقية من وجبة اليوم السابق أو التي يشترونها من القصاصيب بثمن زهيد ليضيفوا شيئاً من الطعم والدسامة إلى أطباقهم. وقد كانوا يعيدون طبخ العظام ليس لمرتين أو ثلاث فقط بل لست مرات أحياناً لاستخلاص كل ما يمكن ان يكون فيها من طعم حتى تصبح كالطباشير ولا يجد النمل فيها شيئاً. واليوم، يعود المختصون في التغذية لاكتشاف فوائد مرق العظام ليس كطعام رخيص إنما كمادة مغذية طبيعية غنية بالمعادن التي يحتاجها الجسم خاصة الكالسيوم. طريقة إعداد مرق العظام: يمكن استخدام أي نوع من العظام كعظام دواجن أو سمك أو غنم أو بقر أو غيرها سواء كانت طازجة لم تطبخ من قبل أو مطبوخة متبقية من وجبات أيام سابقة ومحفوظة في المجمد. ويمكن جمع أكثر من نوع من العظام وطبخها معاً حفاظاً للوقت والطاقة لإنتاج كمية كبيرة يمكن حفظها لفترات طويلة. فلا تقوموا برمي عظام السمك أو الدجاج أو اللحم بعد أكله، ولا تستهينوا بها فلحومها قد تسبب ارتفاع الكوليسترول ولكن مغلي عظامها هو الذي يزودكم بالصحة إن شاء الله. ولا يهم إن كان لايزال في العظام شيء قليل من اللحم أو الجلد حيث يمكن إزالة الدهن بعد أن تبرد الشوربة ويتجمع على سطحها. وللحصول على أكبر فائدة من العظام يجب تكسيرها إلى قطع صغيرة خاصة عظام الدجاج والسمك، أما إن اشتريتم العظام من الجزار مباشرة أو استخدمتم عظام لحوم قمتم بجعل الجزار يفرمها اطلبوا من الجزار ان يقطع العظام خاصة عظام الساق والفخذ واليد أو حتى الرأس إلى مكعبات. بواسطة المنشار الكهربائي للحصول على المزيد من الطعم ولتسهيل الوصول إلى مخ العظام عند غليها. توضع العظام في قدر على النار وتغمر بماء فاتر وتغطى القدر وتترك المحتويات تغلي لمدة طويلة تتراوح بين ساعتين إلى ست ساعات (وأحياناً طوال الليل) فكلما زادت مدة غلي العظام زادت كمية البروتين والكالسيوم وغيره من المعادن التي تستخلص منها. ولزيادة استخلاص الكالسيوم من العظام يضاف القليل من الخل أو من عصير الليمون إلى العظام وهي تطهى مع إضافة الملح والبهارات والمزيد من الماء إلى القدر لتظل العظام مغمورة بالماء طوال مدة الطبخ، وأثناء الساعة الأخيرة من الطبخ يمكن إضافة الحبوب أو الخضراوات أو الأعشاب العطرية لإعطاء المزيد من الطعم أو الفائدة إلى الشوربة. وبعد نهاية الطبخ يتم تناول الشوربة في ذلك اليوم أو يوضع المتبقى منها في عبوات صغيرة في المجمد (الفريزر). وعند الرغبة في إعداد الشوربة أو طبخ الأرز أو الخضروات أو إعداد الصلصلة يمكن استعمال مرق العظام المجمد كأساس مغذ طبيعي وصحي. ومن الناحية الصحية يحتوي مرق العظام على مكونات منشأ العظام وهي بروتينات الكولاجين التي تتحول إلى جيلاتين بعد غلي العظام. وهناك 15 نوعاً من بروتينات الكولاجين التي تختلف عن البروتين العادي في أنها تحتوي على تركيزات عالية من أحماض أمينية معينة أهمها الجلايسين أصغر الأحماض الأمينية التي وإن اعتبر من الأحماض الأمينية غير الأساسية إلا أن له دوراً كبيراً في تكوين اليحمور (الهيموغلوبين). ونقصه في الجسم يعد من عوامل الإصابة بضيق الشعب الهوائية الذي يعاني منه الكثيرون. كما أن له دوراً في تكوين الكرياتين الذي ينظم مسار الطاقة في أنسجة العضلات خاصة القلب ويساعد على التئام الجروح. ومن الأحماض الأمينية المهمة في الكولاجين حمض البرولين والهايدروكسي برولين الذي أظهرت الأبحاث دوره الفعال في تقوية الذاكرة ومنه حدوث الاكتئاب. كما يحتوي مرق العظام على معادن أساسية مثل الكالسيوم والفسفور ومعادن توجد بنسب أقل مثل المغنيزيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكبريت والفوريد. فالمعادن كما يقول أحد العلماء «تحول الطعام الذي نأكله والهواء الذي نتنفسه إلى طاقة وصحة ووعي». وتأثير المعادن على العظام واضح كوضوح الشمس فلو أن العظام تحتوي على الكولاجين فقط بدون معادن لافتقرت إلى المتانة وأصبحت مطاطية، ولو احتوت على المعادن فقط لأصبحت هشة. ولذلك يعتبر وجود الكولاجين مع المعادن في العظام عوامل دالة على صحة العظام وقوتها. ومرق العظام الذي يحتوي على كل ذلك يعتبر أفضل مصدر للكالسيوم بعد منتجات الألبان، بل أنه يتفوق على منتجات الألبان في أن مافيه من كالسيوم أسهل امتصاصاً وتمثيلاً نظراً لوجود المعادن التي تعين الجسم على امتصاص الكالسيوم.