منذ أن توجهت المرأة للعمل خارج المنزل... وهذه البيوت تشتكي أنين الهجر وصقيع الانشغال.. وهؤلاء الصغار بين إسراف الدلال وجفوة الإهمال .. إنها حقيقة لا أعتقد أن يختلف عليها اثنان، وأعلم أنه من الغرابة أن تعترف سيدة عاملة بهذا النوع من الحقائق، وأعلم أيضاً أن من الموظفات من تكابد هذا الواقع فتسدد وتقارب في سبيل التخفيف من وطاة تلك المعادلة، ولعل في ذلك جهوداً أكبر ومعاناة نسائية أعظم.. «صاحب بالين كذاب» هكذا يقول المثل العامي والذي قد نجد في العلم الحديث مايعادله في المعنى ويخالفه في اللفظ.. المهم أن النتيجة معاناة أكبر وجهد مضاعف في سبيل التجديف بسفينة المسؤوليات الأسرية خوفاً أن تقف أو يعرقلها عائق.. وتبعاً لازدهار حركة المرأة العملية والوظيفية ازدهرت حركة المطاعم أيضاً وانتعشت الوجبات السريعة والبطيئة وأصبح عدد المطاعم يفوق عدد الشوارع والأحياء لاسيما محلات بيع الحلويات بأشكالها وأنواعها العربية والغربية وأدهشني مؤخراً توفر وجبة تاريخية تسمى «الحنيني» والتي سحب تصنيعها بساط الامتياز الشعبي من بين أنامل نسائنا.. بصراحة فقدت نساؤنا الكثير من سماتهن المهاراتية فما عادت المرأة العربية على وجه العموم والخليجية بشكل خاص تملك فضل التدبير المنزلي الذي بقيت تتميز به لعقود طويلة مضت.. بل تغير كثيراً موقع المرأة فأصبحت بجانب الرجل وعلى نفس المستوى في البذل والإنفاق وحمل المسؤوليات، واتحدت أيديهما لتصبحا معاً يداً عليا كما يقولون وبحثنا عن اليد السفلي فلم نجدها..!! لست ضد عمل المرأة وإنما ضد أن ندع الأهم من أجل المهم.. فلماذا تركت المرأة واجبها الأساسي في العناية بأسرتها وأطفالها وخرجت للعمل وإن كنت أؤكد أن نساءنا يتجرعن الأمرين في سبيل محاولة التوفيق بين المهمتين إلا أن الواقع يؤكد القصور بإحداهما على حساب الأخرى.. لماذا خرجت نساؤنا من منازلهن بحثاً عن وظيفة..؟ من وجهة نظر شخصية ينقصها البحث والدراسة اسمحوا لي أن أعتبر النصف منهن اضطر لأسباب مادية، أم النصف الآخر فأعتقد أن التقليد والسعي لكسب احترام المجتمع.. هذا المجتمع الذي يرى في المرأة العاملة القوة وفعالية الإنجاز بينما يرى ربة المنزل محدودة الجهد ويعتبرها طاقات معطلة...! هذه نظرة المجتمع التي أعتبرها مسؤولة عن هذا الوضع الذي جعل تفكير المرأة ينحصر في أهمية الوظيفة لتحقيق الكيان الشخصي بالدرجة الأولى والذي صور لها أو بالأصح أقنعها مجتمعها أنه لن يتحقق دون خروجها من المنزل وحصولها على دخل مادي ربما يجري إنفاقه على استقدام الخدم أو وجبات المطاعم التي قد تسد منتجاتها مايعتري واجبات المرأة من نقص.. وظيفة المرأة خارج المنزل قد تناسب بعض الأسر دون غيرها لذلك على المرأة وحدها تحديد الوضع المناسب وفق الأهم من المسؤوليات حتى لايعاني أبناؤنا اليتم وأمهاتهم على قيد الحياة وحتى لايعيش الأزواج عزوبية الروح والجسد وهم على قوامة منزل وأسرة.