يتمتع الفنان الإماراتي عمر غباش بمصداقية كبيرة لدى زملائه، ولكل العاملين في الوسط الفني، فهو مؤلف وناقد ومخرج مسرحي أكاديمي، درس في أمريكا، وحاز على العديد من الجوائز، وحين تقرأ هذا الفنان من خلال أعماله، وإنجازاته المتعددة تشعر بمستوى النجاح الفني، والصدق الأخلاقي في التعامل مع العمل، إضافة إلى أن رؤيته الحداثية لا تنزعه من الارتباط بالأصالة والانتماء للقيم الاجتماعية النبيلة ، إنه متمرد إيجابي على كافة السلبيات الموجودة في الواقع، وهو كفنان يستشف بحدسه ورؤيته الفنية العميقة تلك القضايا، وما يراود الناس من أفكار وأحلام، والتي سرعان ما تتبلور على يديه إلى أعمال فنية إبداعية جميلة. عمر غباش رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين الإماراتيين، وعضو مجلس دبي الثقافي في جعبته الكثير من الرؤى والأفكار المختمرة والمبتكرة التي تواكب مسار الزمن، وله بصمة واضحة على الساحة الفنية من موقعه كفنان أو إداري، حيث يثمر المجهود الكبير الذي يبذله هذا المبدع الموهوب على مدار الساعة فناً أصيلاً، جميلاً، وثراء وثروة للحركة المسرحية والثقافية في الإمارات ومعه أجرينا الحديث التالي : ٭ هناك خلطة فنية مع الأعمال الدرامية التي تنتج محلياً، ما مدى صحة هذه الظاهرة وما هي أسبابها؟ - ربما يكون من الجميل رؤية الفنانين الخليجيين والعرب في أعمال مشتركة، فالعوامل التي تجمعنا عديدة، والفن عامل موحد للرؤى والأهداف، لكني أقول لك إن الفنانين الإماراتيين لا يسعون لهذه الأعمال، وإنما المنتجون هم الذين يسعون للاستفادة من هذه المسألة، ومن المؤكد أن التلفزيونات الإماراتية ترحب بهذه الخطوة وهذا يسهل من توزيع العمل لهذه القنوات، وبالتالي هو مكسب للفنان الإماراتي، وفي نفس الوقت مكسب للمنتج. ٭ حقق الفنان الإماراتي قفزة نوعية خلال فترة وجيزة في مجال الفن.. كيف ينظر الفنان عمر غباش رئيس جمعية المسرحيين لهذه الإنجازات؟ - هذا الإنجاز والتطور في أدوات الفنان المحلي في مجال الإخراج أو الكتابة أو التمثيل ومختلف المجالات الفنية لم يطرأ فجأة، بل هو نتاج سنوات متواصلة من الجهد والعمل وتواصل الأجيال التي تتفاعل معاً بصورة تخدم الفن ورسالته السامية، حيث يتم صقل المواهب والتفاعل مع القضايا والهموم سواء عربية أو محلية. وعلى هذا الصعيد أيضاً لا بد من الإشادة بالدور المميز للمرأة الإماراتية التي أثبتت وجودها في كل شيء، حيث لا بد من القول انها نجحت هي الأخرى في إثبات ذاتها وكينونتها، وتفاعلت بصورة إيجابية ملموسة سواء بالعمل والمشاركة داخل الإمارات العربية المتحدة أو خارجها. ٭ منذ العام 1996 وأنت رئيس لمجلس إدارة جمعية المسرحيين لماذا يصر زملاؤك على اختيارك.. ألا يوجد لك منافس؟ - المسألة ليست في التنافس، كلهم على مستوى المسؤولية، وفيهم الخير والبركة، والإخوان المسرحيون متفاهمون وعلى يد واحدة، والكل قادر على أن يساهم بجهده سواء كان إدارياً، فنياً، تقنياً، فكرياً، لكن ليس كل الإخوة لديهم الوقت الكافي في إدارة جمعية المسرحيين، فهذا العمل فيه تضحية كبيرة ويمكن أن ينعكس على الإنتاج الفني كمخرج، أو مؤلف، او ممثل، أو مدير إنتاج، أو مهندس ديكور، وبالتالي هذا يقتطع من عمله الإبداعي ناهيك عن أن هذا العمل عبارة عن متابعة مستمرة من بداية النهار حتى المساء، إذا لم أكن موجوداً في جمعية المسرحيين أتواصل على الهاتف مع مجلس الإدارة أو مع الإخوة المسرحيين، لذا فإن العمل دؤوب طول النهار والليل ويستمر التواصل في بعض الحالات حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً. ٭ لو لم تكن رئيساً لمجلس إدارة جمعية المسرحيين لكان النشاط الفني أكثر. - لا شك أن ذلك كان على حساب جوانب إبداعية، فأنا اقتطع من وقتي الذي كان يمكن أن يستغل في أعمال مسرحية أو تلفزيونية أو إذاعية. ٭ ما هي أهم الإنجازات التي تحققت خلال السنوات العشر التي تقود فيها مجلس إدارة جمعية الصحفيين؟ - استطاعت جمعية المسرحيين أن ترسخ أقدامها لدى الدولة بأنها الجهة الشرعية الأهم في تمثيل الفنان المسرحي، الآن وزارة الإعلام والثقافة تخاطب جمعية المسرحيين كي تدلي بدلوها في المشاركات الفنية التي تجري في الخارج، وحين يتم اختيار شخص للتكريم في مهرجان خارجي تستشار جمعية المسرحيين لاختيار هذا الشخص. كما لا بد أن يكون فنان من الجمعية في اللجنة المنظمة عندما تنظم إدارة الثقافة والإعلام أيام الشارقة المسرحية، بل كل اللجان تقريباً فيها أعضاء من جمعية المسرحيين. وهناك إنجازات أخرى من أهمها وجود مقر دائم لجمعية المسرحيين منح من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فنحن عندما بدأنا كنا في مكتب صغير لا تتجاوز مساحته ثلاثة أمتار في جمعية دبي للفنون الشعبية وهذه شهادة تشكر عليها جمعية الفنون الشعبية في دبي عندما فتحوا الباب لنا في ذلك الوقت، بعدها انتقلنا إلى شقة متواضعة بجانب سوق الذهب المركزي، وبالتالي عندما انتقلنا إلى المركز الجديد بمكرمة من سمو الحاكم كانت نقلة نوعية، ذلك أن المقر واسع ومعروف ولا نتحمل أعباء مالية، بعدها طورنا عملنا مع الفرق المسرحية حيث يوجد تعاون كبير بين جمعية المسرحيين والفرق المسرحية، وقد تشكلت لجان في الجمعية مثل لجنة الحقوق التي من مهامها المحافظة على حقوق الأعضاء المالية والمعنوية. وهناك لجنة المسابقات مثل مسابقة التأليف المسرحي وعمرها الآن ثماني سنوات، وجائزة المسرحي المتميز، وجائزة مسابقة البحوث وعمرها ثلاث سنوات، وهناك ملتقى للمسرح المحلي، والموسم المسرحي الأول الذي تنظمه جمعية المسرحيين وبدعم من سمو حاكم الشارقة، وتصدر الجمعية مجلة (كواليس) وهي متخصصة في المسرح وتعتبر الأولى على مستوى الوطن العربي وبشهادة كبار الفنانين العرب، وتطبع بالألوان وتوزع في أغلب الدول العربية. إن جمعية المسرحيين تتواصل مع صاحب السمو حاكم الشارقة، وتحظى بثقته، حيث يسند إليها تنظيم الموسم المسرحي وهذه أكبر ثقة، وأعظم إنجاز. ومن الإنجازات التي تحققت في جمعية المسرحيين المكتبة المتخصصة في مجال المسرح، والتي يرتادها المسرحيون للاستزادة من علوم المسرح، والعديد من الصحفيين والأكاديميين وطلبة المدارس والجامعات، وتشارك جمعية المسرحيين في المهرجانات العربية، والمشاركات الفاعلة في الاتحاد العام للفنانين العرب، ونحن نعتبر المركز القطري للاتحاد العام للفنانين العرب في دولة الإمارات، ونمثل كل الفنانين ليس فقط المسرحيين بل الموسيقيين والتشكيليين، كذلك لنا حضور مهم في اللجنة الدائمة للفرق الأهلية المسرحية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث لنا عضوان في هذه اللجنة أحدهما في مجلس ادارة والآخر من الأعضاء العاملين. وهناك أيضاً صندوق للتكافل الاجتماعي وهو الأول من نوعه بالنسبة للجمعيات المهنية في الإمارات، كما نقوم بتأسيس النادي الاجتماعي الذي نوشك على الانتهاء من ترميمه، يخدم الفنانين والمنطقة. ٭ يلاحظ على الفنان عمر غباش جرعة زائدة في البوح والجرأة والصراحة هل هو مبدأ تسير عليه أم أنه طبع من طباعك؟ - ما في شك أن الصدق منجاة، لا أستفيد من المجاملة أو الكذب، وأنا لست ملاكاً حيث يخطىء الإنسان، ولكن بقدر المستطاع على الإنسان ان يكون صريحاً وواضحاً، لكن في بعض الحالات يكون دبلوماسياً، ومتسامحاً مع الآخرين. ٭ ماذا اكتسبت من صفات جديدة خلال وجودك في عالم الفن؟ - الصبر، لكن الصراحة مهمة جداً والكلام الطيب يحرك المشاعر وتجعل الأمور تسير نحو الأفضل، أحاول أن أمسك العصا من المنتصف. ٭ الفنان الإماراتي دائم الشكوى من وسائل الإعلام والفضائيات ويتهمها بأنها تهمشه وتنظر إليه على أنه كومبارس. - لا أعتقد أن وسائل الإعلام تنظر للفنان الإماراتي على أنه كومبارس، الإعلام يقوم بتهميش دور الفنان وخاصة التلفزيون، والفرق كبير بين الكومبارس والتلفزيون، هم يعترفون بأن الفنان الإماراتي يفوز بجوائز على مستوى الخليج وفي المهرجانات العربية، وأن الفنان الإماراتي يشارك في أعمال تلفزيونية خليجية عربية، ويعترفون بأن الأعمال التلفزيونية المحلية لولا الفنان المحلي لا يمكن أن تنجح، ولكن هناك تركيز على الفنانين الآخرين بشكل أكبر، بمعنى أن الفنان المحلي لا يناله أكثر من 10 15 ٪ من حجم الصفحة في الجريدة بينما الفنان الآخر 85 ٪ أو ما شابه ذلك. ٭ لماذا؟ - يمكن هذه المسألة موجودة في بعض الدول حيث الفنان الآخر مرغوب به ومعرفة أخباره أكثر من الفنان المحلي، ونحن نتمنى أن يركز الإعلام على متابعة آمال الفنان المحلي وزيادة المساحة المخصصة له، في بعض الدول يتابعون الفنان ماذا يأكل وماذا يشرب ومتى دخل ابنه الجامعة وماذا تعرض له من حوادث حين كان في قبرص أو إيطاليا أو بريطانيا، أما الفنان الإماراتي فلا تتابع حتى أعماله الفنية، ومشاركاته ومشاريعه الجديدة. ٭ كم عملاً فنياً قدمت بعد عودتك من أمريكا عام 1987؟ - حوالي 16 عملاً تقريباً بين مؤلف ومخرج وممثل. ٭ يلاحظ أنك لا تقوم بالتمثيل في الوقت الحاضر أسوة بزملائك، وتقتصر أعمالك على الكتابة والإخراج؟ - الظروف لا تسمح حالياً، ذلك أن الممثل مضطر للالتزام بالمواعيد بشكل دائم، أما كمخرج فأستطيع أن أرتب أموري بحيث اكثف عملي، وأنتهي من المسرحية خلال شهر على الأكثر. ٭ لماذا يقدم بعض الفنانين استقالتهم من الفن؟ - المسألة مسألة ظروف تمر بالفنان نفسه، في بعض الحالات قد يصل إلى طريق مسدود، ولا يستطيع أن يخرج من هذا الطريق ولا يعود إلى الخلف، ولا الاتجاه إلى اليمين أو إلى الشمال، وبالتالي يقف أمامك سر، وبعض المرات يصل الإنسان إلى مرحلة من اليأس فيتوقف، ولكن لا يأس مع الحياة، وبالتالي عندما يجد الفنان مخرجاً من هذا الطريق ويصل إلى حل لهذه العقدة أو الإشكالية يتجاوزها، ويعود إلى وضعه الطبيعي. ٭ هل تعتقد أن بوابة الشهرة والانتشار للفنانة الإماراتية تمر عبر السعودية أو الكويت؟ - الفرص المتاحة في دول مجلس التعاون على مستوى الدرامي بالذات أكثر من دولة الإمارات، وبالتالي الفنان يبحث عن فرصة عمل، بعض الفنانين ليسوا موظفين، ويعتمدون على عملهم كفنانين، وهم فنانون محترفون وبالتالي أينما وجدت الفرصة سوف يذهب هذا الفنان سواء في الكويت أو السعودية أو مصر أو اي بلد آخر، والفنانون أهدافهم مختلفة، البعض هدفه الشهرة والانتشار، والبعض يهدف إلى تقديم عمل مميز، والبعض يهدف إلى الربح المادي وكل هذا مبرر.