بداية انقل في هذه المناسبة التاريخية التهاني الحارة الى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين والسعوديين كافة قيادة وشعباً على الاعلان رسمياً الانضمام الرسمي لبلادنا لمنظمة التجارة العالمية من خلال المؤتمر الوزاري للمنظمة المنعقد في هونج كونج اليوم بحضور المملكة العضو رقم 149 بعد ان استكملت توقيع كل الاتفاقيات الثنائية. وبهذا الاعلان الرسمي يدخل الاقتصاد السعودي مرحلة جديدة حاسمة من التطور.. مرحلة الانتقال الى العالمية التي تتطلب من مكونات هذا الاقتصاد وبخاصة قطاع الاعمال التكيف والهيكلة واعادة صياغة قواعد عملها ومنهجيتها بما يستوعب هذه المتغيرات.. لقد تجاوزنا مرحلة كان علينا فيها الاختيار بعد ان اخترنا «العالمية» الى مرحلة التكيف مع واقع جديد شاركنا في صياغته بالتعاون مع اصدقائنا في مختلف انحاء العالم. يبقى على القطاع الخاص اولاً ممارسة الشفافية والافصاح عن قدراته ومكامن ضعفه الحقيقية، كما ان عليه تنظيم ورش عمل عاجلة لدراسة التزامات المملكة وواجباتها حسب ما تم التوقيع عليه في اتفاقية العضوية وذلك لتعظيم المكاسب والحد من السلبيات. ولابد من التأكيد ان المكاسب المتوقعة جراء الانضمام الى منظمة التجارة العالمية تستحق كل ذلك العناء المضني والعطاء السخي من قبل فريق التفاوض السعودي الذي تحمل اعباء التفاوض طيلة ما يقارب ال 15 سنة الماضية دون كلل او ملل. فالمكسب الرئيسي ببساطة يتمثل في حصولنا على بطاقة عضوية الأسرة الدولية غير مغردين خارج السرب. ان ال WTO هي بمثابة امم متحدة اقتصادية تحقق حماية اممية لمصالح المملكة التجارية والاستثمارية ويبقى من جانبنا تعزيز قدراتنا التنافسية على مختلف الصعد. ونظراً للقدرات الاقتصادية الجيدة للاقتصاد السعودي والميزة التنافسية التي تتمتع بها العديد من منتجاتها وبخاصة ذات الصلة بالنفط مثل البتروكيماويات والبلاستيك وغيرها فإن هذه العضوية ستنعكس في المدى الطويل بنتائج غاية في الايجابية للاقتصاد. ان اقتصاداً بحجم اقتصاد بلادنا يصنف بين اقوى 20 اقتصاداً في العالم، حيث بلغ الناتج المحلي الاجمالي العام الماضي اكثر من 250 بليون ريال، فيما يتوقع ان يزيد الناتج بالاسعار الجارية للعام 2005 في ضوء العديد من المعطيات المواتية.. اقتصاد يتمتع بقدرات شرائية عالية جداً ومناخ استثماري يتطور باستمرار من الطبيعي ان يتبوأ مكانته بين دول العالم.ان قوة اقتصادنا الوطني تسمح له بالتكيف تجاه المتغيرات وبامتصاص الآثار السلبية الآنية على المدى القصير وتحويل تلك العناصر السالبة الى عناصر قوة جديدة ترفد الاقتصاد بالمزيد من المتانة.. مثال على ذلك اتوقع ان تعاني بعض الشركات الوطنية الاقل جاهزية من تنافس محتدم مما يجعلها تعيد هيكلة نظمها الادارية والفنية واعادة هيكلة رؤوس اموالها بحيث قد نرى في وقت قريب ما يمكن ان نسميه ب «موضة» الاندماجات والتحالفات الجديدة وهذا سينعكس ايجابا على الاقتصاد. كما سنرى المزيد من التحسن في بيئة الاستثمار والتجارة في مواكبة التطورات. اعتقد ان قوة الاقتصاد على المستوى الكلي تبعث على الاطمئنان بالقدرة على تجاوز المرحلة الانتقالية بأقل الخسائر ولكننا في ذات الوقت نحذر ان بعض الشركات الاقل استعداداً قد تواجه تطورات باهظة التكاليف عليها ما لم تتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه لان عليها ان تعمل بجدية اكثر مع هذه التحولات القادمة لا ان تنظر اليها كأحداث روتينية بعيدة التأثير عليها.. ان كل مؤسساتنا التجارية الوطنية عليها ان تعي اننا فعلاً بدأنا مسيرة الانتقال الى المرحلة التالية والعبور الى الضفة الأخرى من النهر وحتما لن يصل الجميع الى بر الامان!!. من ناحية أخرى فالقدرة على الحركة داخل 148 سوقاً سيمثل الفرصة المناسبة لتنويع اقتصادنا الوطني من خلال اعادة هيكلته لاستيعاب هذا المتغير وبناء رافد جديد يقوم على قطاع الصادرات وخاصة في مجال البتروكيماوية والصناعات البلاستيكية وغيرها من المنتجات التي تحظى فيها المملكة بمزايا تنافسية مما يبعث على التفاؤل بشأن توفر ظروف جديدة للاسراع في استراتيجية تنويع مصادر الدخل لدينا. طبعاً سيواجه قطاعا الصناعة والبنوك - التي عليها طرح منتجات بنكية جيدة، وخدمات استثمارية مبتكرة لتلبية المتطلبات العالمية المتجددة دائماً - تنافساً حاداً ما يتطلب وجود مجالس ادارات قوية واكثر ادراكاً للتطورات المتسارعة من حولها. اتوقع ان يحظى قطاع الخدمات باهتمام خاص من قبل الشركات الاجنبية القادمة وان يتأثر بشكل خاص لكن تأثير التحرير والمنافسة على المدى الطويل سيحفز الاقتصاد. كما نتوقع كما المحنا سابقاً الى تزايد الاندماجات وخاصة في الشركات المتشابهة في النشاط، او المكملة بعضها لبعض، بهدف تقوية مراكزها المالية والادارية ورفع جودة منتجاتها، لمواجهة السلع المقبلة على السوق. طبعاً هذا الانضمام المبارك سيعزز مناخ الاعمال في السعودية بتحقيق مزيد من الشفافية والقدرة على التوقع، وكل تلك المكساب المتوقعة ستعزز في الامد البعيد دور السعودية كعامل للاستقرار في الاقتصاد العالمي. ولابد من التنويه ان المملكة اصبحت الآن وبفضل بروتوكولات اتفاقيات منظمة التجارة (حيث انهى الفريق التفاوضي التوقيع على اكثر من 35 اتفاقية ثنائية)، اكثر انفتاحاً بالدرجة التي كانت كافية للانضمام ل WTO. دون الالتزام بأية اتفاقات لاستيراد السلع التي يحرمها الإسلام مثل لحم الخنزير والمشروبات الكحولية والاعمال الاباحية. وفي سبيل الحصول على العضوية قامت المملكة بتطبيق اصلاحات اقتصادية مهمة شملت كافة القطاعات. والاهم حصول المملكة على عضوية المنظمة بصفتها دولة نامية.. في الختام كل التقدير والاحترام لفريقنا التفاوضي على ما حققوه للمملكة. ٭ الامين العام لمجلس الغرف السعودية