بالرغم من أننا قطعنا شوطاً جيداً في الشفافية والحوار وقبول الرأي الآخر، ونحن في هذا الطريق سائرون، إلا أن دوائرنا الحكومية فيما بينها لاتزال تتبع أسلوب التحفظ الشديد والمجاملة والصمت وعدم التعبير الذي ينعكس سلباً على كثير من المستفيدين أو المواطنين كما يحلو لنا تسمية الطرف الثاني في العلاقة بين الدوائر الحكومية والمستفيد. لو كان هذا الصمت على المستوى الاعلامي فقط لقلنا إن الجهات الحكومية لدينا تتحاور فيما بينها وليس من الضروري أن يخرج الصوت للاعلام. لكن بعض الأمور الهامة ذات العلاقة بالمواطن والتي تختلف فيها وجهات النظر بين دائرة واخرى بوضوح تبقى معلقة بين وجهة نظر وزارة وأخرى دون أن تحل، بدليل أن المواطن يعاني من هذا الاختلاف دون حتى مجرد أخذ ورد بين دائرة وأخرى مما يدل دليلاً قاطعاً على وجود اختلاف في وجهات النظر مع عدم ابداء هذا الاختلاف أو مناقشته!! خذ على سبيل المثال المشكلة المستعصية لأكثر من ألف وأربعمائة خريج دبلوم لغة انجليزية لمدة سنتين من أكاديمية الفيصل العالمية تحت اشراف جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية الذين دفع كل منهم 25000 ريال هي تحويشة العمر على وعد من اعلانات الجامعة في الصحف بأن الدبلوم معتمد من وزارة الخدمة المدنية على المرتبة السادسة وتصريحات عدد من المسؤولين من وزارة التربية والتعليم أذكر منهم رئيس وحدة اللغة الانجليزية بالوزارة لجريدة عكاظ ذكر بالحرف الواحد أن الفرصة ستتاح للحاصلين على دبلوم الإنجليزية وكليات المعلمين بتدريس هذه المادة في الصف السادس. لكنهم فوجئوا بعد التخرج برفض وزارة التربية والتعليم القاطع لقبولهم بحجة أن الوزارة لا تقبل إلا حاملي البكالوريوس!! دعونا الآن من مساءلة وزارة التربية والتعليم في شرط البكالوريوس لتدريس أبجديات مادة جديدة لطلاب مرحلة ابتدائية لنسأل السؤال الأهم وهو أن اعلانات عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر كانت تنشر تحت سمع وبصر وزارة التربية والتعليم وكانت تحدد بوضوح انه دبلوم تأهيل معلمي اللغة الانجليزية للمرحلة الابتدائية وانه مصنف على المرتبة السادسة وكان وقت الاعلان يتزامن مع حادثة اخرى حصلت لمئات من خريجي أحد المعاهد الصحية الذين رفضتهم وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر وانتشر صيت القضية حتى أصبحت اجتماعية، فلماذا لم تبين وزارة التربية والتعليم موقفها في حينه عن طريق نفس وسائل النشر أو في اجتماع طارئ عاجل مع جامعة الامام ووزارة الخدمة المدنية التي صنفت الدبلوم، بل لماذا لم تصحح تصريح رئيس وحدة اللغة الانجليزية المشار اليه في حينه؟! نعود لنفس المربع الأول في بداية الموضوع وهو أن الدوائر الحكومية تجامل بعضها وتتحفظ على حساب المواطن!!. هؤلاء الشباب طرقوا كل الأبواب وحجتهم قوية واحدى حججهم أظهروها لوزارة التربية والتعليم في لقائهم مع الوزير وهي لائحة الوظائف التعليمية المنشورة في جريدة الجزيرة في 23/9/1424ه والتي تحدد (للمستوى الثالث أحد المؤهلات التالية وذكر في الفقرة ب دبلوم تخصص في حقل التعليم لمدة لا تقل عن سنتين بعد الثانوية العامة). ولكن رغم قوة حججهم فاإهم وقعوا ضحية صمت دائرة تجاه اخرى وربما انهم ضحايا أكثر من مجرد صمت ولكن مواقف متعنتة. أستشهد بهذا المثل لأن وزارة التربية والتعليم أكثر الوزارات دعوة للحوار وقبول الرأي الآخر وانشاء المجالس التي ترسخ هذا المفهوم بين الطلاب وأملي أن تقبل رأيي هذا حول النتائج المأساوية في المجاملات الوزارية!.