قبل ثلاثة أيام فقط عاد شكيب خليل إلى الجزائر؛ وهو الذي غادرها مباشرة بعد تفجّر فضائح الفساد في الشركة البترولية الحكومية العملاقة "سوناطراك" التي كان على رأسها في نفس الوقت الذي كان يتولى حقيبة النفط 1999 قبل تنحيته من على رأس قطاع الطاقة العام 2010 بعد ورود اسمه في قضايا فساد. وشكيب خليل، الذي ظل يحسب على رجالات الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بعد سنوات قضاها في الولاياتالمتحدة الأميركية التي يحوز على جنسيتها، هاربا من وجه العدالة، وصل عبر مطار الجزائر الدولي بوهران (450 كلم غرب العاصمة) واستقبل بقاعته الشرفية وهو الذي لا يحوز على أي صفة رسمية تستدعي استقباله من قبل والي المحافظة ما سرّع ردود الفعل المستهجنة لعودة ما كان يوصف في الإعلام وعلى لسان بعض الزعامات الحزبية والسياسية في البلاد على أنه واحد من أباطرة الفساد في البلاد. وفاجأت مواقف السياسيين ممن كان بعضهم يطالب بإحضار شكيب خليل للمثول أمام المحكمة مثله مثل بقية المتهمين من أقرب أصدقائه الذين تم توقيف بعضهم وهرب بعضهم الآخر قبل أن يصدر القضاء أحكاما بالسجن غير نافذة ضد جلهم، فاجأت الشارع الجزائري بعدما اعتبر زعيم الحزب الحاكم عمار سعداني أن شكيب خليل من "الإطارات التي ظلمت في الجزائر وهجرت دون وجه حق" ويصرح حليفه في الحزب الموالي للرئيس بوتفليقة "التجمع الوطني الديمقراطي" أحمد أويحي أن شكيب "من حقه العودة إلى الجزائر كمواطن عادي" فيما تعتبر زعيمة "حزب العمال لويوة حنون التي ظلت تتهم شكيب خليل ب "الوقوف وراء قانون المحروقات 2005 الذي يمهد لبيع البلاد" وتضعه في خانة "الأوليغارشيا التي تريد السطو على ثروات الجزائريين" أن "عودته لا حدث". وألهبت عودة شكيب خليل مواقع التواصل الاجتماعي وانخرط في النقاش إعلاميون ونشطاء سياسيون وطرح جلهم السؤال: هل تم تبييض شكيب خليل؟ وماذا عن تهم ضلوعه في قضايا الفساد المرفوعة حاليا على مستوى قضاء إيطاليا (محكمة ميلانو) في ملف شركة "سايبام "التابعة ل "إيني" أو ما يعرف بقضية "سوناطراك 2"؟ ويعلّق المحلل السياسي نجيب بلحمير على الطريقة التي عاد بها خليل إلى الجزائر قائلا على صفحته على الفايسبوك: "الطريقة التي عاد بها شكيب خليل تؤكد الاحتقار الذي تعامل به الجماعة الحاكمة الشعب الجزائري.. كان بالإمكان تقديم أدلة على أن الوزير السابق اتهم ظلما، وأنه كان ضحية مؤامرة من جهة ما، وبعدها تفتح له أبواب العودة من القاعة الشرفية للمطار، لكن لا شيء من هذا حدث، وحتى إلغاء مذكرة التوقيف التي صدرت في حقه، رغم أنها لم تكن صحيحة من الناحية القانونية، تم في غفلة من الشعب..". وتشكل عودة شكيب خليل إلى الجزائر آخر حلقات الصراع بين جهاز المخابرات الذي كان يقوده الجنرال محمد مدين المدعو توفيق ومؤسسة الرئاسة، وكان الجهاز سرب إلى الإعلام تفاصيل تورط شكيب حليل في قضايا فساد في "سوناطراك" بناء على تحقيق تكفل به الجهاز تبعه استصدار العام 2013 مذكرة توقيف دولية بحقه، لكن الرئيس وسرعان عودته من رحلة علاج في الخارج أسقط المتابعة وراح يحّل مصلحة الشرطة القضائية التي قامت بالتحقيق وينهي مهام ضباطها ومهام النائب العام الذي أصدر المذكرة ووزير العدل السابق محمد شرفي قبل قرار إحالة محمد مدين على التقاعد سبتمبر 2015. ولا يتردد محللون في ربط عودة شكيب خليل إلى الجزائر بالتعديل الحكومي المرتقب واحتمال استوزار خليل من جديد على رأس قطاع الطاقة للاستفادة من شبكات علاقته مع لوبيات المال والأعمال في العالم و كبريات الهيئات الاقتصادية التي كان مستشارا فيها، في وقت يتهم الوزير الحالي صالح خبري بالضعف في تسيير القطاع في ظل أزمة مالية واقتصادية تمر بها الجزائر على خلفية تراجع أسعار النفط الموّرد الرئيس للخزينة العمومية من العملة الصعبة.