يمكن أن نطلق على قمة مكةالمكرمة «قمة الاستثناء الإسلامي» وربما نضيف والعربي أيضاً إذ ما يحدث هنا هو انجاز استثنائي مقارنة بالعمل الإسلامي والعربي. في البداية كانت الاستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز استثنائية إذ توالت الردود الإسلامية المرحبة بعقد القمة بل والمؤكدة على أهمية الدعوة من المحيط إلى أقصى الشرق الإسلامي وتوج أخيراً هذا الترحيب بارتفاع مستوى التمثيل إلى 44 رئيس دولة من أصل 57 دولة عضوا في المنظمة. ثم الاعداد للقمة وهنا تكون الشهادة للدبلوماسية السعودية من الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي عبر في تصريح صحافي له أمس الأول عن شكره لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ولمنسوبي وزارة الخارجية بالمملكة «الذين استطاعوا خلال فترة قصيرة ان يحققوا أمراً جديداً تعتبره منظمة المؤتر الإسلامي نقطة تحول في تاريخها». ايضاً هذه القمة استثنائية في التطلعات والآمال المعقودة عليها التي عكستها تصريحات قادة الأمة الإسلامية وتطلعهم لتكون هذه القمة «نقطة تحول كبرى» في مسيرة العمل الإسلامي المشترك وخطوة نحو تأسيس عهد جديد من التأثير والفاعلية التي تليق بحجم الأمة الإسلامية في العالم وحجم قضاياها. وهي استثنائية في توقيتها الذي يأتي في وقت اختلط فيه الإسلام بالإرهاب لدى الكثير من الأمم الأخرى وارتفع فيه صوت منابر التضليل حتى اصبحت وكأنها تملك زمام تمثيل الإسلام والمسلمين لتأتي القمة كصوت يستعيد منبره متحدثاً بتفويض من الشعوب في رسالة إلى كل الأمم. واستثنائية في قراراتها وهنا نقصد برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين الذي أعدته نخبة من العلماء والمفكرين ويتضمن السبل والوسائل التي يمكن بها معالجة ما يعاني منه الإسلام من هجمة شرسة من المتربصين به من أعدائه في الخارج أو حتى من بعض أبنائه من أصحاب الأهداف الضالة والأفكار المنحرفة وتحقيق التضامن الإسلامي والنهوض بالمسلمين وحل مشكلاتهم (وبلاغ مكة) الذي اعدته المملكة والذي يتناول رؤية عامة للواقع الذي تعيشه الأمة وتطلعاتها وآمالها المشتركة لما يجب أن تكون عليه وهذان المشروعان يكتسبان الاستنثائية من واقع أنهما يسعيان لتشخيص واقع الأمة بصدق وشفافية ووضع الحلول العملية البعيدة عن التنظير السياسي. ولاشك ان الغائب الأكبر في هذه القمة والذي شكل غيابه استثناءً جديراً بالتأمل هو ما اعتدنا على سماعه في كل القمم العربية والإسلامية وهو رمي المسؤولية على الآخر، كمسبب رئيسي لتخلف الأمة الإسلامية إذ عكست تصريحات القادة استشعارهم للوعي الذي اصبحت عليه الشعوب الإسلامية التي لم تعد تصدق «المؤامرة» وباتت تعي أن عدوها الأول هو التطرف والفرقة والجهل والمرض وان الحل في محاربة هذه الآفات وليس في إلقاء اللوم على العدو المتربص بنا منذ تأسيس العمل الإسلامي المشترك، لذلك هي استثنائية في تشخيص العلة واستثنائية في وضع الحل المناسب.