كتب الأستاذ عابد خزندار في عدد الرياض رقم 13661 بتاريخ 18 نوفمبر 2005 في زاوية نثار مقالا بعنوان (اتجاهان متكاملان) وقد تحدث فيه عن عزم وزارة الصحة الاشتراك مع البنك الدولي لدراسة السبل الكفيلة بخصخصة بعض المشاريع الصحية. ولعلي أشارك الكاتب العزيز مباركته لهذه الخطوة الجيدة في مجال تحسين الخدمات الصحية ورفع مستوى جودتها. وقد كان هذا هاجس الوزارة منذ سنوات حسب تصريحات الوزير في أكثر من مناسبة إلا أن الخطوة الأخيرة هي البداية الصحيحة نحو وضع إستراتيجية للتنفيذ تقوم على دراسة متأنية للوضع الحالي والمستقبلي وتراعي مصلحة المواطن الذي كفلت له الدولة توفير الخدمة الصحية كما ورد في الدستور ، والصحة على خلاف غيرها من الخدمات الأخرى يتغلب جانبها الإنساني الأخلاقي على الجانب المادي، لذا فإن هدف الخصخصة الأول يجب ألا يكون توفير التكلفة أو تشجيع القطاع الخاص بقدر ما يكون توفير خدمات أفضل وأسرع وأقرب مكانا للمرضى والمستفيدين. وقد استبق النظام الصحي الصادر عام 1423 ه هذا المشروع بسماحه بتحويل ملكية بعض مستشفيات الوزارة إلى القطاع الخاص بناء على اقتراح الوزير وقرار من مجلس الوزراء. وتأتي الآن مرحلة تحديد آليات التحويل وشروطه ووقته. وللتوقيت أهمية كبرى فالنظام الصحي الحالي لا تزال تشوبه ضبابية تجعل حتى المتخصصين غير قادرين على الإلمام بمجريات وسياسات وإجراءات التعامل بين الأطراف المقدمة والمشرفة على تقديم الخدمات الصحية. كما أن النظام الحالي لديه قصور في التشريعات والقوانين الصحية المنظمة والملزمة للمنتمين للخدمات الصحية أفرادا ومؤسسات ومستفيدين، ومما يدفع إلى التأني أيضا أن عمليات الاعتماد والتأهيل للمستشفيات لا تزال في مرحلة النمو ولم تصل بعد إلى تصميم معايير مناسبة واضحة إلزامية لمقدمي الخدمات الصحية لتضمن بذلك حصول المريض على الخدمة الجيدة، والضمان الصحي التعاوني لا يزال يتشكل ولم يصبح حتى الآن جنينا مكتمل الأعضاء فتطبيقه الحالي حديث عهد ولم يخضع للدراسة والتقييم والتطوير ولا تزال هناك مشكلة في تحديد كيفية تطبيقه على المواطنين وهو ما سنتطرق إليه في مقالة لاحقة بإذن الله. ولهذا كله فإن تنفيذ التخصيص بشكل سريع سيؤدي إلى فوضى المتضرر الأول منها المريض والمستفيد من الخدمات الصحية والرابح قد يكون شركات التأمين الصحي أو مقدمي الخدمات. ومن الأفضل لو عمل أو ساهم مجلس الخدمات الصحية بشكل فعال في تأسيس البنية التحتية لهكذا نقلة عبر تأسيس بنية قانونية وتنظيمية وتقنية قادرة على الحفاظ على إيجابيات خصخصة القطاع الخاص وتلافي سلبياته وتوفير بيئة صحية مناسبة يعمل فيها أطراف الخدمات الصحية بأمان ويعرف كل فرد ومؤسسة واجباتهم ومسؤولياتهم. [email protected]