بحكم التوعية الصحية عن مرض السكر يعلم حتى الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب أن انخفاض السكر بفعل زيادة جرعة الأنسولين أخطر وأقرب للقتل من ارتفاع السكر (هذا مدخل ضع تحته ما شئت من الخطوط سواء كنت مسؤولاً أو مريض سكر أو بائعاً لأشرطة سكر مغشوشة). الإخلاص في العمل وأداؤه بذمة يجعل من أي مهني مخلص يعمل في موقعه ممثلاً لوزارة التجارة ووزارة الصحة وديوان المراقبة وأن يكون جمعية حقوق إنسان متنقلة. الدكتورة عفاف الشمري، استشارية غدد صماء وسكري تعالج مرضى السكر لاحظت أن عدداً من مرضاها المزودين بأجهزة تحليل السكر المحمولة معهم في منازلهم يسجلون نتائجهم في المنزل بأرقام تصل إلى 300 - 400ملجم من مستوى السكر في الدم ويتناولون لذلك جرعة كبيرة من الانسولين حيث إن مريض السكر المعتمد على الانسولين يطلب منه أن يرفع الانسولين أو يخفضه حسب نتائج التحليل، لكن هؤلاء المرضى لاحظوا أن نتيجة السكر عالية بينما عند تناولهم لكمية زائدة من الأنسولين لمعادلة هذا الارتفاع فإنهم يتعرضون لأعراض انخفاض السكر ويوشكون على الموت لولا تناولهم للسكر في الحلوى أو التمر، تقول: طلبت منهم إحضار الجهاز وشرائط التحليل فوجدت أن قراءة نفس جهاز المريض تختلف عند استخدام الشرائط التي اشتراها المريض عن النتيجة التي أحصل عليها من نفس الجهاز ودم نفس المريض لكن باستخدام الشرائط الموجودة لدينا من نفس نوع الشرائط فقررت أن لا أحكم باختلاف الشرائط إلا بعد أن أحتكم إلى تحليل الدم في مختبر المستشفى حيث تستخدم أجهزة أخرى وتقنية مختلفة واتضح أن نتائج المختبر تتطابق مع الشرائط الموجودة لدينا وأن الشرائط التي يشتريها المرضى من شارع الضباب في الرياض مثلاً تعطي نتائج عالية كاذبة تجعل المريض يرفع جرعة الانسولين ويتعرض لانخفاض السكر في الدم والذي له عواقب وخيمة تصل إلى الموت، وبالتدقيق في الشرائط وجدت أن من الواضح أنها مزيفة وكنت أعتقد أنها منتهية التاريخ وبالنظر للعلبة الخارجية كان ثمة اختلاف بسيط يصعب اكتشافه دون تركيز. وتردف قائلة: تحدثت مع الدكتور خالد الربيعان استشاري الغدد في المستشفى الجامعي فأفاد بأنه لاحظ الشيء نفسه مع مرضاه. انتهى ما ذكرته الدكتورة الشمري. هاتفتني الدكتورة عفاف على خلفية ما أكتب عن حماية المستهلك ومشيرة إلى حوار ساخن في برنامج الوجه الآخر في «الإخبارية» حول حماية المستهلك كان ضيفاه الدكتور عبدالعالي العبدالعالي مدير عام مكافحة الغش التجاري وأنا. أخبرتها بأن الموضوع لا يحتمل التأخير وأن مكافحة الغش التجاري سوف تتحمس لهذا الأمر عطفاً على خطورته وعلاقته بالحياة والموت والغش التجاري والتقليد. اتصلت على الفور بالأستاذ بسام البشر من إدارة مكافحة الغش التجاري فأفادني بضرورة أن تسرع الطبيبة بإرسال فاكس عاجل للإدارة تبلغ عن ما لاحظته مع صورة للعلبة المقلدة وأن المكافحة ستبادر من الغد لمداهمة محلات البيع في شارع الضباب واتخاذ اللازم. وجدت أنا أن الغد بعيد جداً فقد يموت عدد من مرضى السكر من الانسولين حتى يجيء الغد خصوصاً وأنهم يعالجون أنفسهم وفقاً لتوجيهات أطبائهم برفع الجرعة بناءً على مستوى السكر وهذا معروف. اتصلت بالدكتور عبدالعالي العبدالعالي مدير عام الإدارة أملاً في تحرك أسرع ففاجأني بالقول إن الموضوع ليس من اختصاص إدارته وأن وزارة الصحة هي المعنية وأن مكافحة الغش التجاري لن تتحرك وعلي أن أخاطب إدارة الرخص الطبية بوزارة الصحة. حاولت إقناعه بأنني وبحكم أنني صيدلي أعلم أن شرائط التحليل ليست دواءً وليست مستحضراً طبياً للتجميل وأن الموضوع يتعلق بتقليد وغش تجاري لقطعة من جهاز تدخل فيه لتعطي قراءة والموضوع يعني مكافحة الغش التجاري مثلما يعني وزارة الصحة كونه يهدد حياة مرضى السكر. لكن مدير عام مكافحة الغش التجاري كان يردد «كلم وزارة الصحة أنا أعطيك رقمهم»!! قلت له وأنا أحاوره: ألم تذكر في برنامج «الإخبارية» أن إدارتكم تضبط المخالفة وتحيلها إلى الجهة المختصة سواء كانت وزارة الصحة إذا كان دواء أو الزراعة إذا كان غذاء وهكذا، فرد بالإيجاب ولكن الموضوع لا يخصني. اتصلت بمدير عام إدارة الرخص الطبية وشؤون الصيدلة بوزارة الصحة الصيدلي عبدالعزيز الصالح فعلمت أنه في مهمة خارج المملكة وبحثت عن جواله ورد علي مشكوراً وأخبرني أن ثمة شكوى من أحد المسؤولين على تقليد في أحد أنواع الشرائط (ليس النوع المقصود هنا) وأنه رهن التحليل في المختبر المركزي وطلب مني إرسال العينات مثار الشك لنائبه أو للمختبر المركزي مباشرة، وبسؤاله عن ما ذكره مدير الغش التجاري من عدم مسؤوليتهم أجاب بأن المسؤولية مشتركة وأنه لا يمانع أن يتولى الأمر. بقي أن أذكر أن الطبيبة كانت لديها العينات وأبدت استعداداً أن ترافق فرق المكافحة للتعرف على العينات المقلدة وشرائها على حسابها الخاص لكن البيروقراطية فوتت على مواطنة مخلصة محاربة الغش التجاري في سلعة تتعلق بالحياة أو الموت لمريض السكر.ولا بد هنا من ضرورة توعية المرضى بتحرّي الدقة عند حصولهم على نتائج عالية لمستوى السكر وفحص الشرائط جيداً والتوجّه للمستشفى للتحليل للتأكد من صحة شرائط التحليل فيبدو أن التوعية هي الطريقة الوحيدة لمحاربة الغش التجاري إلى أن يفرجها ربي.