ظلت قضية طلب رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إعفاءه من منصبه بعد انتهاء ورقة العقد معه في الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل، محور أخذ ورد بين بيروت ونيويورك. ونقلت وكالة «رويترز» من مصادر سياسية لبنانية، أن ميليس الذي عاد مساء أمس الأول إلى بيروت آتياً من باريس، من المرجح الآن أن يقبل الاستمرار في مهمته لكن رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ووزير العدل شارل رزق نفيا علمهما بذلك. وجاء هذا التطور بعد أن طلبت لبنان رسمياً تمديد عمل لجنة التحقيق ستة أشهر قابلة للتجديد، وحث بلسان الرئيس السنيورة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على السعي لإقناع ميليس بالعودة إلى مهمته. وقالت مصادر على صلة بلجنة التحقيق في بيروت إن ميليس قد عرض عليه منصب قضائي كبير في ألمانيا (المدعي العام الفيدرالي) وهو يحاول إيجاد حل وسط يمكنه من الاستمرار بمهمته من دون أن يخسر الوظيفة الجديدة. وعلّق رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري من دولة الإمارات العربية المتحدة على مطالبة ميليس بإعفائه من مهمته بالقول: «إن الأممالمتحدة هي المسؤولة عن التحقيق والقاضي ميليس هو رئيس اللجنة والقرار 1595 صادر عن الأممالمتحدة وهو واضح ويقول إن التحقيق سيستكمل وسنعرف الحقيقة. وقال الحريري في كلمته أمام منتدى القادة العرب الشباب في دبي: «لم نتخذ من الثأر السياسي عنواناً لدخولنا عالم السياسة، إننا كنا على الدوام نرفع مع اللبنانيين جميعاً شعار المطالبة بالحقيقة والعدالة كمدخل لحماية لبنان وانهاء تلك الحقبة السوداء التي كان عنوانها القضاء على رسالته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي قرر الشعب اللبناني وضع حد لها في 14 آذار (مارس).والتقى الحريري رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وولي العهد الشيخ محمد بن زايد، كما زار ضريح رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.وفي لقاء مع مجلس العمل اللبناني في أبوظبي أشار الحريري إلى أننا بدأنا حواراً جدياً مع جميع الأطراف والتيارات والمراجع بشأن طلب تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المجرمين المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولن نتراجع عن مطلبنا، لأنه مطلب أساسي لكل اللبنانيين، ونأمل في النهاية، ومن خلال المناقشة والحوار أن نصل إلى النتيجة المطلوبة، وأن نكون جميعاً متوافقين، خصوصاً على الأمور الأساسية في البلد. وتساءل النائب الحريري قائلاً: «كيف توصف المطالبة بإنشاء محكمة دولية بأنها انتقاص من سيادة لبنان. في حين عندما تم ارتكاب جريمة اغتيال قائد كبير مثل الرئيس الحريري، ولم يجر يوم وقوع الجريمة تحقيق جدي من السلطات اللبنانية لهذه الجريمة الرهيبة، ألا يعتبر هذا انتقاصاً من هذه السيادة؟ وحول ميليس قال الحريري: موضوع القاضي ميليس تقني بحت، ونحن نتمنى عليه أن يتابع مهمته ونصل إلى الحقيقة، لكن هذه الامور تعتبر مسألة معالجتها من شأن الأممالمتحدة، لأنه عند صدور القرار 1595 لم نكن نعلم أن القاضي ميليس سيتولى رئاسة لجنة التحقيق الدولية، وفي رأيي أنه إذا تولى قاضي آخر غيرميليس رئاسة اللجنة فسيترحم من لا يريدون الحقيقة على ميليس. وفي سياق السجال السياسي الحاصل بين الغالبية الوزارية والتحالف الشيعي حول موضوع المحكمة الدولية، لفت الانتباه أمس للموقف الذي أبلغه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي يتزعم حركة «أمل» الشيعية، إلى صحيفة «النهار» اللبنانية إذ قال: «أنا أتفهم هواجس الطرف الآخر، ولكن أزعم أنهم ربما لا يتوقفون عند هواجسنا نحن في حركة «أمل» و«حزب الله». أضاف بري: فعلا هناك أزمة ثقة تهدد التحالف الرباعي، وهذا أمر لا أنا ولا أحد سواي يستطيع إنكاره، ولأنني حريص على هذا التحالف مع الفرقاء الآخرين اقترح بأسرع وقت ممكن اليوم قبل غد وغدا قبل بعد غد عقد لقاء يجمع السيد حسن نصرالله ووليد جنبلاط وسعد الحريري وأنا وطبعاً في حضور رئيس الحكومة ليس لمناقشة التقنيات ولكن لإزالة الهواجس قبل أي شيء آخر. من جهة ثانية يتوجّه الرئيس السنيورة اليوم الثلاثاء الى المملكة لتمثيل لبنان في القمة الإسلامية في مكةالمكرمة، وهو كان بدأ جولة اتصالات سياسية في شأن موضوع المحكمة الدولية، دشنها بلقاء النائب ميشال عون في منزله في الرابية، ثم يستأنفها بعد عودته من المملكة.