حصل الباحث الصيني ليو فنغ مين على درجة الدكتوراه عن أطروحته التي تعد الأولى من نوعها على مستوى الصين ويتمحور موضوعها حول «ثقافة الخل في حياة المواطن الصيني». يقول ليو في أطروحته إن العادات والتقاليد الصينية تختلف باختلاف المناطق وكذلك الحال بالنسبة للعادات الغذائية .. فأهالي مقاطعة هونان وسط البلاد يحبون أكل الفلفل أما أهالي مقاطعة تشيجيانغ الشرقية فيفضلون المذاق الحلو على سبيل المثال لا الحصر لكن الخل يوحد جميع مواطني الصين على اختلاف العرقيات والمناطق الجغرافية والأزمنة التاريخية. فهم يعشقون الخل ويدخلونه في شتى أصناف طعامهم حتى أصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية كما أصبح أحد أهم الخامات التقليدية التي تستخدم في إعداد الأطباق الصينية حيث يضعه الصينيون عادة على الطعام أثناء طهيه لتحسين النكهة. ورغم أن جميع المقاطعات الصينية الاحدى والثلاثين تنتج الخل لكن تبقى مقاطعة شانشي الواقعة في شمال الصين هي موطن الخل إنتاجا واستهلاكا وسط إحصائيات رسمية تشير إلى أن معدل كمية الخل التي يتناولها كل فرد من سكان هذه المقاطعة يوميا لا يقل عن خمسة وثلاثين جراما. وهو يزيد بمقدار عشرة جرامات عن كمية الخل التي يتناولها سكان المناطق الصينية الأخرى. وأفرد الباحث الصيني جزءا كبيرا من أطروحته لشرح الاسباب التي جعلت سكان مقاطعة شانشي يحبون الخل إلى هذا الحد حتى انهم يتبادلونه كهدايا في جميع المناسبات. وحسب الخبراء المختصين فإن ذلك يعود إلى أن نسبة القلويات في أراضي هذه المقاطعة وفي مياه أنهارها عالية نسبيا ولذلك فإن تناول الخل أثناء الوجبات يساعد على عمل معادلة بين الحامض والقلوي داخل جسم الانسان. لذلك أصبح تناول الخل عادة لها أهمية صحية أيضا ويمكن القول ان أهالي شانشي لا يتناولون الطعام إلا وهم ممسكون بين أيديهم بزجاجة من الخل حيث يؤكدون أنه فاتح للشهية ومنشط للدورة الدموية ومفجر للطاقة الحيوية ويغني تماما عن الملح بكل أضراره. وتشير السجلات التاريخية إلى أن الأسلاف والأجداد في مقاطعة شانشي بدأوا في تصنيع الخل منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وتوارثوا فن تخمير وانتاج الخل جيلا بعد جيل على امتداد العصور حتى اليوم ويستخدمون في ذلك الذرة والشعير والبطاطا بل ان الكثير من الناس ما زالوا محافظين على عادة انتاج الخل داخل البيوت وإذا ما ذهب زائر إلى المناطق الريفية النائية في شانشي في فصل الصيف فإنه يجد داخل فناء كل بيت من بيوت الفلاحين المحليين جرة ضخمة توضع تحت أشعة الشمس وتستخدم لتصنيع الخل. ونسب الباحث في أطروحته إلى فريق طبي تأكيده بأن تناول الخل بصفة دائمة وبمعدل قدح واحد يوميا قبل النوم له فوائد عديدة منها تليين العروق وتخفيض نسبة الدهون في الدم والوقاية من تصلب الشرايين وعلاج ضغط الدم المرتفع ومرض السكر والروماتزم والأرق وغيرها. وفي الطب التقليدي الصيني يبرز أهمية الخل حيث يخلطه الأطباء مع العقاقير الصينية الاخرى وينصحون بتناوله يوميا كأفضل علاج للصلع والتجميل والتخسيس ذلك لأن الخل يحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم والحديد والجليسرين والحامض الأميني وغيرها من المواد المفيدة جدا لجسم الانسان.