لم تبق لدينا أي مشكلة في مجتمعنا فلا بطالة تفترس الشباب ولا فقر ينتشر في مناطق من هذا المجتمع أصبحت الشغل الشاغل لمراكز الدراسات ومادة للصحف وكل يوم يمتلئ بريد الصحف ببيانات وعرائض يقدمها الفقراء طلباً للمساعدة!! ومشكلات معلمات المناطق النائية لم تجد حلاً ودماء من يتوفين منهن يمتصها تراب الطرق الموحشة.. وحزن موغل في الحنايا لأسرهن.. ووزارة التربية والتعليم تلقي بالمسؤولية على أولياء الأمور الذين وقعوا بالموافقة على التعيين في هذه المناطق!! ومسؤولو الطرق الترابية يلقون المسؤولية على السائقين!! ناهيك عن قضايا العنف ضد الأطفال وضد الزوجات ومئات القضايا لمطلقات حرمن من أبنائهن ولا تزال قضاياهن رهن القضاء وتجاهل المطلقين من الرجال!! في الجانب الآخر هناك آلاف المنتظرين لدورهم في الحصول على منحة من الصندوق العقاري لبناء بيوتات صغيرة لهم ولأسرهم، ناهيك عن قضايا ارتفاع سعر الأدوية وسعر بعض السلع الذي سبق الحصول على زيادة ال 15٪ من الرواتب منحة خادم الحرمين الشريفين.. وهناك العديد من قضايا محورية سواء في التعليم العام أو العالي أو الصحي.. لا تزال تبحث عن حلول ناجعة تحقق الأمن التعليمي والاجتماعي للمواطن في القرية والمدينة.. في هذا المناخ الذي تنتشر فيه المراكز التجارية أكثر من مراكز الدراسات والأبحاث، نجد من يعلي من مناقشة (السينما في بلادنا) والمطالبة بإنشاء (سينما إسلامية)!! وأن وجود هذه السينما في مجتمعنا سيؤدي إلى الارتقاء بصناعة السينما في الوطن العربي!! ذلك أن المنتجين سيعملون حساباً للسوق السعودية وسيحاولون أن يقدموا أفلاماً تعالج قضايانا بدون إسفاف!! وهكذا آراء غريبة وغير واقعية وليست ذات أهمية.. فهل حقيقةً أننا لن تتقدم إلا إذا فتحنا دوراً للسينما وقلنا بضوابط شرعية!! أين هي هذه الضوابط الآن فيما تبثه قنوات فضائية بمالنا السعودي؟؟ بل إن أحد مالكي هذه القنوات يتفاخر بأنه يقدم هذه الأفلام للشباب كي لا يتجهوا لمتابعة الأفلام الأجنبية!! أين هذه الضوابط من المسلسلات الخليجية التي تجاوزت في عباراتها وما تبثه من قيم ما كان يقدم في بعض القنوات العربية!! هل حقاً السينما هي أداة التقدم والتطوير؟؟ وأنا أتحدث عن السينما مكاناً وموضوعاً خصوصاً في ظل نسق (كل من إيدو إلو) كما يقول (غوار الطوشة)!!. كم كنت أتمنى أن يكون الاهتمام الحقيقي بتعزيز العلم والمعرفة والثقافة الإسلامية الحقيقية وزرعها سلوكاً وتوجهاً في جميع مناحي حياتنا وأن يواكب الإعلام المقروء والمسموع والمرئي هذه القيم. ومن الآراء القيمة التي نشرتها جريدة المدينة في ملحق (الرسالة) في يوم الجمعة 1/11/1426ه حول (السينما في بلادنا) ما ذكره كل من الأستاذ أحمد سعيد الذي يرى أن هناك أولويات كثيرة ومشروعات مؤجلة لم تتحقق بعد ولا يزال المجتمع بحاجة لها كمشكلات الضمان الاجتماعي والفقر والبطالة ومسألة القبول في الجامعات وأمور أخرى كثيرة نحتاج إلى مناقشتها وبحث الحلول الأنجع لها قبل الخوض في السينما ووسائل الترفيه .. وذكر أيضاً أن المجتمع الناجح هو المجتمع الذي يرتب أولوياته بالشكل الذي يضمن له السير في طريق التطور وتفادي المشكلات التي تعيق ذلك. أما الإعلامي المعروف الأستاذ عبدالله بن هضبان الحارثي فيتساءل أي نوع من أنواع السينما يراد بثه في المملكة؟.. ويقول إنه يعتبر أن فكرة افتتاح السينما لدينا مدخل شيطاني خطير لأن السينما ليس من مهمتها بث الأفلام الثقافية، بل إن السينما دائماً ما تبث الأفلام الترفيهية التي تندرج بين الأفلام السيئة والسيئة جداً والمقبولة من غير المسلمين والمنحلين.. ويقول أيضاً : (حقيقة نحن لسنا بحاجة إلى سينما سواء بضوابط أو بغير ضوابط) وأنا أتفق معه جداً.. فما الذي قدمته السينما لعالمنا العربي؟؟ هل أوجدت حلولاً لمشكلاته وقضاياه؟! هل ما يقدم في هذه السينما يمثل الواقع المسلم؟! وحتى إذا قلنا إن هناك غير مسلمين في بعض مجتمعاتنا العربية فهل ما يبث فيها يمثل قيم الأخلاق الفاضلة؟! وأي منحدر اتجهت إليه هذه الأفلام؟؟ ٭٭ أما الآراء التي تدعي أن وجود السينما سيؤدي إلى منع الممنوع!! وأن السينما مشهد حضاري فأعتقد أن هذه الآراء وفق (المنظور الشرعي وليس الغربي) لا تتفق ومنظومة الأخلاق والقيم العليا لبناء الإنسان المسلم.. ثم ألا توجد الآن قنوات فضائية بمال سعودي مهمتها بث الأفلام - على مدار الأربع والعشرين ساعة - العربية والأجنبية بل حتى الأفلام القديمة تعزيزاً للارتقاء بثقافة السينما!! كما يقولون!! ألا يكفي هذا؟! وما الذي سيحولنا إلى (مجتمع متقدم) إذا ما تم عرض هذه الأفلام في (دور سينما)؟! ٭٭ كم أتمنى أن نعيد النظر في مقومات بناء المجتمع الحقيقية وبناء إنسان هذا المجتمع كما هي رسالة السماء ومهمة الاستخلاف في الأرض..